عن مولانا برهان وبوبكر ومريم أبي القاضي: “الوطنية في انتظار السلاح والتيييت”
كمال الشارني
عادة، حين يتعارك اللصوص، تظهر الحقيقة، إنما الحقيقة حول الفساد العام العارم والانفلات العام لم تعد بحاجة لمعركة اللصوص كي تصدمنا، منذ لحظات تعاركت مع سائق شاحنة أغلق أكثر من نصف شارع الحرية بعد أن دخل من طريق ممنوعة غير بعيد عن البوليسية (المسلحين ضد إشاعة الإرهاب فقط)، قال لي السائق بوثوق وصحة رقعة صادمة ما أترجمه حرفيا: “تزمر وإلا تنـ(تييت) البلاد كلها تنا(تييت) وأنت تتحدث عن نصف الطريق في شارع راس(تييت)، روح نيـ(تييت) أنت وشارع الحرية كله، ومعك الحكومة والدولة و(تييت)”، ذكرني هذا بالهجوم الوحشي على أعوان الحرس الوطني في القصرين لتخليص منحرف مطلوب للعدالة، وفوضى يومية أخرى مماثلة في الوطن وعجز الدولة التي لا تفسير لها إلا التييييت.
لو أن شيئا كهذا حدث في بلد مثل أمريكا (الإمبريالية الصهيونية الاستعمارية الشريرة)، لتمّ إطلاق عشرات أعوان الأمن المسلحين في أثر المنحرفين دون أي تييت أو أية بلاغة لغوية أو قباحة، مع واجب إطلاق النار دون تردد على كل من لا يتمدد على بطنه (ليس على ظهره) مسلما نفسه ممددا يديه وساقيه، سوف يسمح للمواطنين أيضا بصيد الهاربين بمقابل وإطلاق النار على الشبهة، هروب المتهم أو عدم امتثاله يعفي الدولة من واجب المحاكمة وحقوق البراءة، وفي لبنان، حضرت معركة عائلية في إحدى ضواحي صيدا، انتهت بإخراج قاذفات أر بي جي، وفي تلك الأيام في 2006 أيضا قرأت خبرا عن مواطن لبناني ألقى قنبلة يدوية على شاحنة جمع الفضلات كانت تصدر ضجيجا مدمرا في مرورها الليلي لجمع الفضلات المنزلية، تحبون الفوضى ؟ هذه هي نهاياتها، انتظروها.
نحن في تونس لم نعد بعيدين عن ذلك، إن تهريب محركات السيارات أو حاويات الدخان ليس أصعب من تهريب الـ أر بي جي فما بالك بالمسدسات أو الكلاشكنوف، هي فقط مسألة طلب وعرض وتقاعس الدولة وخيانات الموظفين الصغيرة من أجل المال لتمويل مصاريف العشيقات أو نزوات الأبناء والزوجة والبيت الجديد، وإذا استمر الوضع على ما هو عليه الآن، سترى هذا السلاح عند الحماصة لحماية أنفسهم بسبب عجز أعوان الدولة، وبسبب حالة الإحباط العام من الثورة ومن فساد السياسيين وحتى لمجرد التنفيس بإلاطلاق النار حين لا تجد شيئا محترما تسمعه أو تشاهده غير بوبكر بن عكاشة ومريم بالقاضي وبرهان أبو السيس صاحب الولايات الثلاث، “سيدي برهان”، مدير الشؤون السياسية للوطن، إطلق معنا النار، لكي تتنفس، بدل أن تتكلم بما يسيء للوطن.