أبو يعرب المرزوقي
أعجب ممن يعجبون من حملات تأييد نظام المجرم بشار شارب دم شعبه:
فلو كان لهذا النظام ذرة من عقل أو فهم لما طلب المساعدة ممن هم أحوج إليها منه.
تابعت اصحاب الحملة فلم أجد بينهم من له وزن سياسي أو إعلامي يذكر بل إن جلهم يبحث عن ممول بعد أن يئس من الممولين ذوي الدراية بالساحة وقواها.
فالذين ذهبوا ليشهدوا لصالح حكم المليشيات الإيرانية في العراق وسوريا بحماية روسية أو أمريكية لا يصدقهم أهل البلدين ولا من له دراية بالأحداث.
سمعت اميين يدعون الخبرة في الحركات الإسلامية وفي الشماعة الجديدة لمن يريد أن يواصل الحكم بتخويف الشعوب وترهيبها فعجبت لاستغفالهم غيرهم.
لم يعد الزمان زمان صوت العرب الذي يمكن أن يخفي الأحداث بالحديث.
من ينكر أن مليشيات إيران تحتل العراق وسوريا ولبنان لا يمكن أن يصدقه أحد.
ومن ينكر أن إجرام الانظمة العميلة فاقت إجرام الاستعمار حتى الإسرائيلي لا يصدقه أحد.
فقتل نصف مليون وتهجير نصف الشعب لا يغيرها كذب الإعلاميين.
لجوء إيران وبشار والسيسي وحفتر وصالح والحوثي وكل من ماثلهم إلى سند أكاذيب من فقدوا كل مصداقية دليل على أنهم يطلبون النجاة من الغرق بقشة.
وكلما استمعت إلى الصياح والنباح في بلاتوهات التلفزات “أم دورو” لا يؤلمني إلا شيء واحد:
أن بعض الإعلاميين الذين احترمهم يقبلون المشاركة فيها.
ومن احترمهم من الإعلاميين قلة وهم المثقفون بحق منهم ويعدون على اصابع اليد الواحدة وكان يمكن لهم أن يكونوا قدوة في خدمة الحقيقة والشعب.
قد يكون لهم أعذارهم لكن التاريخ أمدهم بفرصة كان يمكن أن تجب ما قبلها كما جب الإسلام سلوك عتاة الجاهلية وسفهائها.
لكنهم اساؤوا قراءة الأحداث.
فالحلم بعودة الأنظمة التي زلزل شباب الثورة أركانها من الأوهام التي كان ينبغي ألا تنطلي على المثقف منهم:
فكل رستوراسيون قصيرة الاجل وبلا أمل.
وليس كل مثقف “تاليران” حتى يمشي على الحبال فيتجاهل أحكام التاريخ:
هل يعقل أن يصبح مثقفو الجيل كلهم حركيين بالمعنى الجزائري للكلمة بلا حياء؟
مجرمو العراق وسوريا ليسوا إلا أدوات إيران مباشرة وخدم إسرائيل مثلها بصورة غير مباشرة ومثلهم مجرمو مصر وليبيا وتونس.
وذلك كله آيل إلى السقوط.
وباقي أنظمة العرب الذين حاربوا ثورة الشباب بتمويل الثورة المضادة سيكون مآلهم مآل كل الذين حاربوا الثورة الفرنسية:
الشباب سيرميهم في المزبلة.
والتاريخ الذي يغير المناخ العام للأخلاق الموضوعية في الجماعات الكبرى ذات الدور الكوني في العالم مديد بالطبع لكن الفجر انبلج والطفرة حصلت.
ولا جدال في أن داعش إرهابية.
لكن مليشيات العراق وسوريا وعسكر مصر وحوثي اليمن وطالحه وكل من مول الثورة المضادة أكثر منها إرهابا وإجراما.
ومليشيات القلم من شهود الزور الذين يسمون خبراء وإعلاميين ممن يبيض هذا النوع الثاني من الإرهاب بدعوى مقاومة ذاك أكثر ارهابا منهما معا.
فالإرهاب الأصلي الذي منه ينبع الإرهاب الفرعي نوعان:
• إجرام داعش أساسه تحريف خطاب الأصالة
• وإجرام الحكام أساسه تحريف خطاب الحداثة:
وذلك هو إرهاب الرمز بنوعيه الذي يدعي التأصيل والذي يدعي التحديث.
فهما متضامنان ومتغاذيان وكلاهما من أدوات إرهاب مافيات العالم ونوابها في المحل والإقليم.
الإرهاب أصله الخطاب الذي يخلط بين الأصالة وكاريكاتورها الناتج عن الانحطاط الذاتي والخطاب الذي يخلط بين الحداثة وكاريكاتورها الاستعماري.
الصراع بين نخب التأصيل الكاريكاتوري ونخب التحديث الكاريكاتوري أنتج داعش التأصيل وداعش التحديث في حرب بين ممثلي الانحطاطين: ذلك هو الداء.