العكرمي دهن الزنازين فمن مسح الانترنات ؟
الحبيب بوعجيلة
ذاكرة الشرف وأرشيف النذالة
شهادة الناشط الانترنوتي سامي بن غربية شهادة نوعية تضيء جانبا مهما في المعركة الديمقراطية التي خاضها النشطاء في مواجهة نظام استبدادي فاسد استنفذ أغراضه وأسقطوه في وضع عالمي مفتوح معلوماتيا لم تعد القوى الدولية فيه قادرة على حماية عملائها.
كان واضحا أن بن علي قد تمكن من تطويق الشارع وامتلاكه لسنوات عديدة عبر جدلية الرعب والترهيب أو الترغيب والاختراق للطبقة السياسية من الطبقة الوسطى والبورجوازية الصغيرة التي عجزت في ظل دولة المراقبة والعقاب عن الالتحام بالناس والانصهار في الجماهير.
تمكن طيف واسع من المناضلين في حزبين قانونين (البي دي بي والتكتل) وأحزاب غير قانونية (النهضة والمؤتمر والبوكت) بالإضافة الى المجلس الوطني للحريات وغيره من الجمعيات المناضلة من كسر طوق “الدولة البانوبتية” المخابراتية والزبائنية و فضح “ديمقراطية الواجهة” التي تخفي بشاعات التسلط والفساد المختفية وراء الطبقة المزيفة لأحزاب الكرطون ومنظمات الارتهان ونُخب التزييف وتسويق مسار “ديمقراطي” كاذب ملطخ بالدم والتعذيب والمنافي والفساد المافيوزي.
لم يعد بن علي منذ الالفين قادرا على الاستهداف الوحشي لهؤلاء النشطاء الذين اصبحوا مفروضين داخليا وخارجيا على المستبد فوجه سياسته الى “الشراسة” في منع توسع بقعة الزيت عبر محاصرة المقرات واغلاق الشوارع المؤدية اليها وعبر تخصيص أموال رهيبة للدعاية المضادة التي تكفل بها من باعوا ضمائرهم بدراهم معدودات لملاحقة الاجتماعات الدولية في العالم للرد على تدخلات معارضي ونشطاء المنافي وعبر شراء الاقلام والأسماء الدولية لتلميع صورة النظام مقابل الرحلات السياحية للاستمتاع بشمس تونس ورمالها وأشياء اخرى يندى لها الجبين من اموال الشعب المدفوعة لوكالة الاتصال الخارجي.
هذه الشراسة ظهرت بوضوح أيضا في مواجهة شباب المدونين الذين لعبوا دورا رياديا بوسائل جديدة في دعم انتصار وسائل النضال التقليدي للسياسيين. لقد كانت الانترنات سلاحا فتاكا في مواجهة بن علي وايصال حقيقة الفعل المعارض الى عموم الشباب التونسي الذي لم تكن صحيفة الموقف ولا السياسيون التقليديون قادرين على الوصول اليه وكانت العقوبات الغريبة في قسوتها لشباب المدونين والاموال الطائلة المصروفة على الحجب والمراقبة المعلوماتية وصناعة المدونات والمواقع العميلة دليلا على ادراك النظام لقيمة السلاح الذي سيدعم المعارضة الوطنية ويكون سلاح الانتفاض الشعبي في 2010.
ان الانتصار المعلوماتي على بن علي كان هو الاضافة في الثورة التونسية على عكس ما يروج بقايا النظام من دعايات حول دعم “القوى الدولية” وصناعتها للثورة بالفايسبوك فالحقيقة أن هذه القوى الدولية التي لم تحركها اشكال النضال التقليدي ستضطر الى رفع يدها على بن علي بفضل جهود الانترنوتيين.
ان استمرار عدم الكشف على غرفة النظام المعلوماتية من وكالة الاتصال الى وكالة الانترنات دليل على خطورة هذا الملف الذي يلخص لحظات مشرفة في نضال مركب تظافرت فيه قوى سياسيين في الداخل والمنفى مع نشاط مدونين وتقنيين شباب التحموا تلقائيا بالمعركة في مواجهة الاستبداد مقابل جرائم عملاء مقابلين مازال العديد منهم يحتل مكانه في المشهد الاعلامي والدعائي الرسمي المعادي للديمقراطية والثورة ولابد من كشفهم.