تدوينات تونسية

هل فعلا الجياع لا يثورون ؟!

القاضي أحمد الرحموني
رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء

الاحداث التي اندلعت في مصر منذ يوم الاثنين 6 مارس الفارط ارتبطت بقرار صادر عن وزير التموين علي المصيلحي بتخفيض الدعم الذي تقدمه الدولة للخبز (او العيش) الى 500 رغيف للمخابز يوميا. وقد كان من اثر ذلك القرار اكتساح الاحتجاجات لعدد من المدن والمحافظات.

ومن غرائب الاوضاع في تلك البلاد ان الوزير المذكور قد سبق له ان تولى في عهد حسني مبارك منصب وزير التضامن الاجتماعي والتموين لمدة 5 سنوات تقريبا وتسبب خلال سنة 2008 في نشوب “انتفاضة الخبز” وسقوط عدد من “شهداء الخبز” في اكبر الازمات التي عرفتها مصر في تاريخها القريب ولم يتم اسبعاد هذا الوزير الا بعد اندلاع الثورة في 25 جانفي 2011.

ورغم “سوابقه” في هذا المجال، عاد الوزير المذكور ليشغل وزارة التموين في عهد عبد الفتاح السيسي ويتسبب -ويا للمفارقة !- في انتفاضة اخرى بعد ست سنوات من الثورة!

ومهما كانت التداعيات واحتمالات تطورها في بلاد لا شك انها تغلي كالمرجل، نشير الى ان الحكومة قد حاولت احتواء الاحداث وراينا على سبيل المثال سيارات الشرطة وهي توزع “العيش” مجانا ! فضلا عن ان وزارة التموين قد تراجعت عن قرارها واكدت -في تبرير سخيف!- ان الاجراءات المتخذة هي من اجل كشف المتلاعبين ! ولذلك فان حصة الفرد من العيش ستبقى 5 ارغفة يوميا (وهو ما يذكرنا بمقولة بورقيبة في جانفي 1984 “نرجعوا فين كنا قبل الزيادات”!).

لكن على خلفية ما حصل في الانتفاضة الاخيرة برز من بين السياسيين (او المسيسين) في مصر من يستهين بجوع الناس وينتقص من كرامتهم ويتعالى على عذاباتهم بقوله “ان الجياع لا يثورون” او ان “الجوعى يحدثون فوضى لا ثورة” وان هؤلاء الجوعى “في اول شبعة بيروحوا “!!

وهي في مضمونها نزعات تلغي حق الشعوب في العدالة الاجتماعية والاحتجاج ضد سياسات “التجويع” و”الحصار”. وبهذا المعنى فان الاعتراف بحق الشعب في “مقاومة الطغيان” و”العصيان السياسي” لا ينقص من حقه في الثورة من اجل “رغيف الخبز” او “لقمة العيش”!!

فهناك من يطلب “الخبز” ومن يطلب “الكرامة” وهناك من يعتقد ان “البشر صنفان: صنف يثور للحرية وصنف يثور من الجوع، ويسقط الدكتاتور لو اجتمع عليه الصنفان !!”.

لكن اليس الخوف والجوع سلاحين بيد المستبد؟ ولذلك اذا لم تستطع ايقاف الجلاد فلا تجلد الضحية !!

تخرج الوزير علي المصيلحي من الكلية الفنية العسكرية عام 1971

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock