سنودن صاحب موقع ويكيلكس، رجل ذو تعليم عادي لم يدخل الجامعة لكنه عصامي التكوين في مجال البرمجة، كان يعمل ضمن فريق CIA ثم NSA، تحصل على تصاريح أمنية عالية النفاذية الى المعلومات و البرامج، ليخرج سنة 2013 عن صمته الأمني ويصرح بعدم أمنية المعلومات الشخصية.. “معلوماتك الشخصية مباحة لدى الاستخبارات”.
في ترجمة حرفية لما قاله، ربما كمواطن تونسي، من عالم ثالث من حيث التقييم الثقافي وليس التقسيم الجغرافي-السياسي، لم أع خطورة هذه التصريحات حينها، ربما لأني لا أمتلك من المعلومات الشخصية ما يُسيل لعاب الاستخبارات، لكن وبحكم خبرتي التي اكتسبتها في مجال هندسة البرمجيات، أخذت أدرك بعدا آخر لهذا التنصت الخفي، “إنهم يراقبونك حيث ذهبت” أو لنقل انهم يعلمون عني ما لا أعلمه عن نفسي، حسابات الفايسبوك الحقيقية والوهمية، الرسائل الالكترونية وحتى الرسائل القصيرة والمكالمات الهاتفية، نحن مخترقون حتى النخاع، فهم يستطيعون فتح كاميرا الحاسوب حتى وهو مغلق، ربما فيه بعض المبالغة، لكني تحققت من الأمر عن طريق الانترنيت العميق.. كل صفحة أدخلها على الانترنيت تنضاف الى تاريخ تصفحي في مجلد يحمل رقما وعرفا خاصا، بكل كبسة زر أساهم في تكوين مخزون معلوماتي عن ثقافة شعب بأكمله، كي يستنبطوا نمطية مجتمعنا عن طريق برمجيات ذكية، ربما بالنسبة الى مواطن عادي انه لأمر بسيط ولكن بالنسبة لمثقف هو أمر جلل، “كل حرف تقرأه الآن تراقبه الوكالة”..
يربح العدو لأنه يسبقنا بخطوة، لأنه يعرف نمطيتنا ولأنه يتوقع حركتنا القادمة، لذلك هو الفائز دائما، انها حرب حقيقية بدأت منذ سنوات، يزرعون برامج تجسسية في كل المنشآت الحيوية، بأمر واحد يسقطون دولة بأكملها في لحظات، لا أعرف مما أعجب أكثر، أمن تطورهم الحقيقي الذي لامسته الآن أم من غبائي كمواطن عادي أن أرضى بقيد يكبلني وسجن وهمي يحصرني.