الحبيب بوعجيلة
نشطاء لا ينتمون بالضرورة الى “الثورجية” بل ان فيهم من هو جزء من “التوافق الحالي” ومناصري مدح النموذج التونسي يُحذرون من حياة ديمقراطية شكلية تسيطر عليها طبقة سياسية فاسدة يصنعها مال واعلام الفاسدين بأحزاب تصنعها اللوبيات.
مارس الشعب التونسي الانتخابات التأسيسية في 2011 بقدر معقول من الحرية في وقت كان فيه الفاسدون وبقايا الاستبداد في وضع خوف وتراجع ويؤكد المتابعون وقتها أن الاعلام والمال الفاسد لم يلعب دورا أساسيا في تحديد ارادة الناخبين رغم الثغرات ولكن ما جرى في انتخابات 2014 وما تشهده الساحة السياسية والاعلامية والجمعياتية حاليا من تدخل مال ولوبيات محلية ودولية يهدد التجربة الديمقراطية بشكل جدي.
من الخطر أن تنتقل تونس من وضع استبدادي سابق كان فيه المال والاعلام والعمل الجمعياتي والحزبي مشدودا الى الدولة الزبائنية برأس واحد الى وضع “ديمقراطية” مفتوحة وحرة ظاهريا ويتحكم في مصيرها باطنيا رجال مال وأعمال يدفعون في نفس الوقت لهذا الحزب وخصمه ولهذه القناة ومنافستها ولهذا الاعلامي وزميله المقابل له عبر مراكنات يعرفها جيدا أهل القطاع لتبييض هذا ونسف ذاك.
في وضع اجتماعي ينتشر فيه الفقر والحاجة وفي وضع وعي شعبي محدود وحديث العهد بالمعلومة والتحليل والعمل الجمعياتي والحزبي يصبح للمال واللوبيات وتوظيف الادارة وشراء ذمم الاعلاميين خطرا على نزاهة الديمقراطية فتزييف الارادة الانتخابية ليس بالضرورة بتغيير الاوراق في الصندوق بل الاخطر هو تزييفها في العقول والمشاعر عبر من يملك مالا أكثر يسمح له بالانتشار السياسي والاعلامي والجمعياتي.
يعلم الجميع الآن أن أحزابا وجمعيات كثيرة ولدت وكبرت لا لقوة في بدائلها أو عظمة في قياداتها وانما لتمكنها من وسائل الانتشار والقدرة على الترويج لنجوم وأشخاص وزعامات نكتشف ضحالة مستواها حين تستلم الحكم أو تكون في البرلمان أو تتكلم بين الناس في حين نرى أحزابا وطاقات سياسية راقية وقوية انتهت وانهارت لأنها لم تجد من يشتري من أجلها ذمم الناخب والاعلاميين والقنوات والمواقع الالكترونية والصحف.
الديمقراطية في الغرب لا تخلو من هذا الفساد لكن قوة المؤسسات الرقابية ونجاح الغرب في بناء طبقة سياسية محترمة ووعي شعبي معقول يجعل زيف هذه الديمقراطية محدودا في حين أن رثاثة أوضاعنا العربية شعبيا وسياسيا تجعل المال الفاسد لا يدخل اعلاما أو سياسة الا أفسدهما كما يفعل الملوك في القرى.. ان الملوك اذا دخلوا قرية.
حذاري من ديمقراطية الفساد ..
![](https://i0.wp.com/tadwinet.net/wp-content/uploads/2020/12/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%A8%D9%8A%D8%A8-%D8%A8%D9%88%D8%B9%D8%AC%D9%8A%D9%84%D8%A9.jpg?fit=572%2C300&ssl=1)