الحبيب بوعجيلة
القديم العائد الذي يحتل بماله الفاسد وشبكاته وسائل “الدعاية” المظلمة القادرة على تزييف الوعي لم يُحقق انتصاره المؤقت على الجديد الثوري إلا بما يملكه من وسائل “القوة العارية” في مفاصل الدولة والادارة وأدوات العنف الرمزي والمادي و”التخابر الشرير” وقدرة التوحد على الخراب والتعطيل والافساد والردة وبما احتله في عهود الاستبداد من منظمات مجتمعية وما تمكن من بنائه أثناء سنوات التسيب الثوري من جمعيات وأذرع انهاك للقيم والعقول والاقتصاد وبما يملكه أزلامه من استعداد فطري للارتهان للقوى الدولية الخائفة من عصر الشعوب.
سردية الردة التي حصل لها التمكين المؤقت في انتخابات 2014 لم تنجح إلا بقدرتها على صنع “المزاج المغلوط” لدى مليون ونصف من الناخبين الحقيقيين والموتى ممن تم اقناعهم أن “القديم” هو المنقذ من “جديد” زعموا أنه “فاشل” بما تظافر عليه من “تعطيل” و”عرقلة” وتاليب دولي ودماء مشبوهة رقص عليها “اعلام فاسد” و”حلفاء” مشدودين الى مجرد نزوات ايديولوجية أعمتهم عن فداحة القديم ورداءته.
بعد أيام من “انتصار الردة” في الانتخابات الماضية بانت مرة أخرى “رثاثة” القديم وضحالته واستحالة قدرته على التجدد والعطاء. لم ينتصر هذا القديم العائد الا بماكينة فساد واستبداد شرسة وهاهي الآن تتناهش على مرأى ومسمع من الجميع. لم ينتصر القديم الا بنخبة فنية وثقافية وفكرية واعلامية وأكاديمية لا تنجح الا في الهدم وتزييف الوعي لكنها في البناء لا تملك إلا السطحية والفراغ.
على هذا الفضاء وفي صف الثورة مئات من أسماء المثقفين والعلماء والاعلاميين والكتاب والشعراء والسينيمائيين والمسرحيين والسياسيين وخبراء الاقتصاد والتربية والتعليم والفعل الاجتماعي. في صف الثورة والجديد مئات من الرجال والنساء والشباب القادرين على صنع الحداثة والتقدم والتنوير وبناء الوطن اقتصاديا وتربويا وتعليميا وثقافيا وابداعيا. في صف الثورة والجديد بُناة دولة الحلم القادم. دولة الرقي والحرية والتقدم. في مقابل نخبة قديم تجتر تفاهاتها وسردياتها الباهتة التي استنفذت قدرتها على البناء فتحولت فقط الى استثمار ما تملكه من وسائل في الهدم والتآمر على الجديد.
أيها القديم أنظر الى انتاجك السياسي والاعلامي والثقافي والفكري والفني في سنوات ستة من عهد الحرية. ماذا تجد غير صراخ الفارغين ومحاور النقاش التضليلية ومزاعم الخبراء التي تسقط بمجرد أن تُتاح الفرصة للجديد حتى يناقشها في ما يُتاح له من هامش. أنظر ايها القديم طبيعة الطبقة السياسية والاشخاص والاحزاب التي انتجتها بمالك الفاسد وشبكاتك القادرة وأتحت لها حكم البلاد في هذين العامين من عودتك. أنظر الى حصادك الهشيم وانت تسير بالبلاد الى الهاوية بعد عودتك أو عودة جزء منك. أنظر الى ممثليك كيف “يفجُرون” في خصامهم مع الجديد أو حتى فيما بينهم دون قدرة على الاختلاف البناء.
ثم أنظر الى ابداعات جديدنا ولن تراه طبعا وقد لا يراه شعب تحتله بوسائل دعايتك المسيطرة.