إشْكي للعروي

منجي باكير

(إشكي للعروي) ها العبارة سجّلتها الذّاكرة التونسيّة وكانت متداولة برشا في كلامنا اليومي، إشكي للعروي أو نشكي للعروي الأصل فيها كان معناه إيجابي، لكن الشّارع من بعّد ميّعها وهمّشها واعطاها معنى سلبي…

وباش نفهموا العبارة في ذاتها لازم نعرفوا أولا آشكون هو العروي، سي عبد العزيز العروي الله يرحمو ويبرّد ثراه، كان صحافي وإذاعي تونسي جهبذ، راجل آمن بشعبو وسخّر معرفتو ودرايتو في سبيل تنوير مواطنيه ورفع الجهل والظلم عليهم، أيضا سي عبد العزيز كانت تجيه على أيّامو جوابات ورسايل المظلومين من كافّة البلاد فيعتني بيها، يوصّل صوت المظلومين ويزيد يوظّف موضوع القضيّة أو المظلمة بطريقة طريفة، إيجابية وذكيّة باش يبثّ الوعي ويقدّم النّصح والعبرة لكلّ المستمعين موش كيف بعض الإعلاميين اليوما اللّي يستغلّوا آلام ومشاكل النّاس باش ينشروا الفضايح ويعرّيوا السّتر على خلق الله وزيد يتاجروا بقضاياهم..

سي عبد العزيز العروي بالحقّ كان مدرسة، آش خصّ لو كان إعلاميونا يرجعوا إلى أدبيّاتو باش يتعلّموا منها لأنّ الرّاجل كان هذا شأنو وكان هذا إتّجاهو…

وهاكا علاش عبارة (إشكي للعروي) ولاّت من وقتها مَثلْ يتداولوه النّاس حتى يومنا هذا، وزيد كان فيها وقتها نوع من السّلطة المعنويّة حتّى عن بُعْد وقت اللّي كان الحرّ يفهم من غمزة !

عبارة (إشكي للعروي) كيف ما قلنا في أول كلامنا كان عندها معنى إيجابي، لكن من بعّد بعض النّاس همّشوها وميّعوها واعطاوها مفهوم سلبي استهزائي.

عبارة إشكي للعروي ولّى مفهومها في تقدير وبمعنى (ما عندك ما تعمل) أو حتّى ما يقابلها من عبارات سوقيّة موش باهية، وصار اللي يقولها يعني أنّو مقرّ بغلطتو ومستعرف لكن هو متبوربْ ومصرّ على فعلو، متبوربْ على الأخلاق، على الدّين وعلى القانون،،، معناها أنّ هالقايل لعبارة (إشكي للعروي) ما عاد عندو حتّى وازع ولا رادع زاده.

والعبارة بمفهومها السّلبي هذا ولاّت مستفحلة وزادت عشّشت في أمخاخ برشا ناس خصوصا من بعد الثورة، كلّ واحد من ها النّاس ولّى عامل على كيفو، اللي يقلّوا رايو الأعوج يعملوا وما يراعي لا عُرف ولا قانون ولا يحكّرْ جيرة ولا مواطنة، المهمّ ينفّذ رغبتو ويتبّع شيطانو،، لا يهمّو في مضرّة غيرو ولا يهمّوا المصلحة العامّة وما تهمّو كان نفسو الأنانيّة، وضميرو من هاكْ العامْ حطّو في (كُونْجيلاتير)…

صار كلّ يوم تشوف المظالم والتعدّيات من الكبيرة للصغيرة، في الطرقات، في الأسواق، في السّاحات العامّة، في وسائل النقل، وإذا تحاول ترجّع هذا الظلم أو التعدّي يقابلك سيْل من العبارات المنافية للأخلاق، وإذا كان ها السيّد متحفّظ ومتربّي شويّا يقولّك ولوْ ضمنيّا إذا ما عجبكش (إشكي للعرْوي)…

زعمة لو كان نقيّموا أخلاقياتنا وسلوكاتنا زعمة قدّاش يلزمنا من عروي !؟؟

قول هو وصلْنا لْحدّ ما عاد ينفع فينا لا كلام العروي ولا غيرو، واللي ما عندوش ضمير وما يخافش لا من ربي ولا من عبادو يعمل العجايبْ..

ربي يرحمنا ويرجّعنا للحق.

Exit mobile version