الدولة التونسية تُدار اليوم من وراء حجاب
مالك بن عمر
لنتفق أوّلا أنّ التحوير الوزاري الذي قام به يوسف الشاهد هو تحوير بسيط لم يشمل وزرات السيادة ولم يشمل عدد كبير من الحقائب الوزارية، بل هو مجرد تحوير بسيط يهم وزارتي الوظيفة العمومية والشؤون الدينية وكتابة الدولة للتجارة..
لنتفق ثانيا أن ردة الفعل المتشنجة والعنيفة لاتحاد الشغل إزاء هذا التحوير غير متناسب مع بساطة التحوير…
لنتفق ثالثا أن ردة فعل الأحزاب، بما فيها الأحزاب الحاكمة، تبقى كذلك غير مفهومة إزاء قرار عادي لرئيس حكومة..
في الحقيقة، فإن كل ما اتفقنا عليه أعلاه يُعبّر عنه بظاهر الأمور، ماذا يعني ذلك ؟
ذلك يعني أنّ جميع الممضين على وثيقة قرطاج بما فيهم الاتحاد وبما فيهم النهضة يعلمون علم اليقين أنهم حين وقّعوا على تلك الوثيقة فإنهم وقّعوا على توسيع صلاحيات الباجي قايد السبسي ليتحوّل من رئيس جمهورية إلى رئيس السلطة التنفيذية. هم يعلمون علم اليقين أن الشاهد مجرّد أداة تنفيذية بيد القصر الرئاسي الذي اختاره وعيّنه بالرغم من قلة خبرته السياسية.
جميع ردّات الفعل المتشنجة تدخل في هذا الإطار، فاتحاد الشغل يخشى سحب البساط من تحت قدميه ليُفرش تحت قدمي عدوه اللدود منظمة الأعراف.. النهضة بدورها لم تستسغ عدم استشارتها بخصوص تعيين وزير الشؤون الدينية… ولكنها لا تصرّح بذلك واختارت أن تراقب عن بعد على أن تغمض عينا وتبقي على الأخرى مفتوحة على آخرها…
الواضح من كل هذا، أنّ الثقة مفقودة تماما بين جميع هذه المكونات الحزبية والاجتماعية، علاوة على غياب الثقة إزاء ما يمكن أن يصدر عن رئاسة الجمهورية من مفاجآت.
للأسف الدولة التونسية تُدار اليوم من وراء حجاب، وسط حسابات سياسية ومصالح حزبية وشخصية ضيقة… لا شعب ولا تنمية ولا برامج ولا هم يحزنون… إنها حرب التموقع… حرب بلا هوادة من أجل التشبث بتلابيب السلطة… كلّ يحارب من أجل نصيبه… ولو كان فُتاتا…