يوسف الشاهد فشل في إقناعنا
خليل كلاعي
في اليوم الّذي اختير فيه الشاهد كمرشّح لرئاسة الحكومة وفي يوم وقوفه أمام البرلمان لنيل الثقة كما في اليوم الّذي تلاه عندما تسلّم مكتبه في القصبة استعمل كل ما حفظه وتدرّب عليه من مهارات تواصلية وتقنيات خطابية ورغم أنه قد وّفق في تطبيق ما تلقنه من دروس في هذا الجانب إلا أنه فشل في إقناعنا أنه لا يتصنّع حركات اليد وانفعالات الجسم التي كان يأتيها بشكل شبه ميكانيكي كما أخفق في طمأنتنا بأنه يؤمن فعلا بتلك العبارات والتراكيب القوية التي كان يكرّرها وبما أن المياه تكذّب من يحسب نفسه غطاسا ماهرا فإن لقاءه إلى جانب الوزير الأول الفرنسي إيمانويل فالس عند زيارته لفرنسا فضح أرتباك الرجل واضطرابه بشكل بيّن وكشف أن المهمة التي أتى من أجلها كانت أكبر من مؤهلاته.
منذ يوم مجيئه وإلى الآن لم يتقدّم الشاهد في الملفات الحارقة التي كانت بانتظاره بأكثر مما كان يفعل له قايد السبسي سرا وعلانية وليست الأزمة التي نشتم رائحتها وتلوح بوادرها في أفق وطن منهك إلا ترجمة لأمرين مهمين تجاهلت الطبقة السياسية في أغلبها الحديث عن تفاصيلها وحقيقتها لما جمعت حكومة الوحدة جل أحزابها فالشّاهد كان فاقدا للإرادة إلا تلك التي كان يمسك القصر خيوطها وخطوطها وأقدارها ومستوياتها كما كان فاقدا (وهذا الأهم) للإستراتيجية وللرؤية وللخطط وللحلول ولو كان الرجل وزيرا أولا لما لمنا عليه ولكنه وفقا للدستور هو رأس السلطة التنفيذية.
هنا لا أتحدث عن إقالة البريكي ولا عن اختيار خلفه… هنا أتحدث عن المحصّلة… عن النتيجة… عن ما استطعنا مراكمته من منجز لحماية مكاسب الثورة والوطن مقارنة بما فرطنا فيه من فرص ومن وقت ومن موارد كان بإمكانها أن تكون قرشنا الأبيض في يومنا الأسود وإذ لان لنا وجه المسؤول الأول في البلاد تائها لا بوصلة ترشده ولا عزيمة تسند ظهره وهو الّذي وعد وحزبه ذات 2014 بالخروج من مرحلة المؤقت الضيّق إلى عهد الدائم الرّحب فلنا أن أنقول… ما أشدّ أيام التونسيين سوادا في هذا العهد.