سعيدة “قرّاشْ” وتَكروري الشّباب، هَربت من “القَطرة” جات تحت “الميزاب”

سليم الحكيمي
صرّحت سعيدة قراش على الوطنية 1 مباشر مساء 21 فيفري، مستشهدة بدراسة تثبت ان مساجين المخدرات في تونس بلغ 120 الف منذ سنة 1995، وان 12% منهم عادوا الى السجن في قضايا ارهابية. متأسفة على من سُجن لمجرد الاستنشاق. وهكذا خفَّ الجرم في وهْمها.
12 % يساوي 14400 ارهابي. وهربت المستشارة من “القَطْرة” لتبرير القرار “الاصلاحي” للرئيس فوجدت نفسها تحت “الميزابْ” وتُسقط بنفسها كل الاراجيف التي روجها اليسار طويلا عن علاقة المدونة والمساجد والخطاب الديني والاحزاب ذات المرجعية بالارهاب. وهي التي تعلم بتقارير تشريح اثبتت تناول الارهابيين مخدرات قبل تنفيذ عملياتهم. والخلاصة ان حاضنة الارهاب الفساد الاخلاقي وليس التدين. ما اقرّت به غفلة وكرُها هو ما أكّده المفكر الفرنسي “Olivier Roy” بوجود صياغة لسوق دينية جديدة يتميز فيها الأفراد الدينيون بحالة من الفردانية على مستوى اختيار الرموز الدينية، وينشأون خارج حلقات التعليم الديني التقليدية. وينسف بالتالي الموقف الثقافَوي السائد الذي يضع المسؤولية على عاتق “الإسلام السياسي” لتتبين حقيقة «أسلمة التطرُف والجريمة» تفسيرا سديدا لـ«ظاهرة جيليّة عدَميّة».
لست ارى وجاهة في دعم قرار السبسي من أي كان، لان ما افتضح خطره هو الآتي:
1. شعبوية فظّة لم تعرف الدولة لها مثيلا من مؤسسة رئاسة لم تسطع الايفاء الاّ بوعد الافساد، وبدت عليها مظاهر الخَرف، بعد فشل شامل وعتبة 1 % نمو وعجز سفراء الرئيس عن جلب مشررع اقتصادي واحد. فمؤتمر الاستثمار تمخّض عن 30 الف مليار، مجرد قروض على 5 سنوات، والبقية وعود “وانا الغنيّ واموالي المواعيد” كما قال المتنبي. فمطالب الناس والاعتصامات في انحاء البلاد هي من اجل تخفيف عقاب الحكم من بطالة وغلاء… وليست تخفيف عقوبة “الزطلة”.
2. اقتراح القانون يعني “دولة العجز” التي انتقلت من الانفصام السياسي في عهد الاستبداد الى الانفصام الاخلاقي عنه بعد الثورة واخلاق المجتمع لم تعد اخلاق الدولة التي صارت تتعامل بإباحية مع كل ما يمكن ان يثقل كاهلها المادي، وهي في قلب البرَاديغْم البراغماتي، وسبب التنقيح محاولة التخلص من العدد الهائل من المساجين.
3. المستشارة اقرت بفساد السجون، وهي ممّن منع اصلاحها حين تم اقتراح حلقات تكوين دينية وسطية لتوعية الشباب، وتم اعتبار ذلك تدخل “الدين في السجن” رغم دخول قسَاوسة سجونا سكندينافية في الغرب لتوعية المجرمين وتاهيلهم.
4. إقحام مجلس الأمن القومي للخوض في مسائل لا علاقة له بها، تحكي عقدة محاكاة الدول العظمى، والعاقلة منها لا تجمعُه للمخدرات حتى في كولومبيا.
5. اقتراح تنقيح القانون، والتشديد على المُرّوج بدل المستهلك، مُستوحى من روح القوانين الفرنسية العَلمانية اليعقوبية في الدّعارة التي لا تعاقب المُومس la prostituée بل من يتاجر بها Le proxénète، وكان بالامكان تجنب الضجة الشعبوية باعطاء القاضي صلاحيات التصرف في الفصل 12 ليمنح ظروف التخفيف حسب الحالة والنزول بالعقوبة الى ما دون سنة سجنا، في انتظار قانون دستوري. لان التعلل بمسامحة مقترف السيجارة اول مرة يمكن ان يطالب بها “عدلا” القاتل اول مرة والسارق والزاني والمتحيل… ايضا.
6. “مخْ الهدرة”، والعلمنة القسرية وجرعة الافساد التي اُشربت المجتمع التونسي بالقوة منذ دولة الاستغلال سنة 1956 و7 نوفمبر 1987 لم تكن كافية لتجعل مجتمعا مترنّحا بالكلية، بل قام بثورة سنة 2011 وبالتوازي مع الدولة العميقة وُجدت تونس العميقة بقيَمها. ولا بد من جرعة تكروري جديد، لنجد في تونس حاليا 400 نوع مخدّر بتقارير من وزارة الصّحة.
7. وجود مستشارين شيوعيين بـ”الاستنشاق” في القصر، “قرّاش” و”بن تيشة” لا يتناغم مع الخيارات الليبرالية ليسار ثقافي مائع. اذ كانت الثورة الكوبية الشيوعية سنة 1995 بقيادة كاسترو، ذات منحى أخلاقي تطهرّي عام، هدفه استئصال مظاهر الفساد فاغلقت جميع كازينوهات القمار. وما بقي من ملاهٍ وأندية ليلية، فرضت عليه قيود أخلاقية صارمة ترتبط بلباس ومظهر الراقصات والعارضات. وشنت الحكومة حملة ضد البغاء، وكل مؤثرات فساد أميركي مغروس في كوبا.
كان بالموصل بومة وبالبصرة بُومة فخطبت بومة الموصل إلى بومة البصرة ابنتها لابنها فقالت بومة البصرة: لا أفعل إن لم تجعلي لي صداقها مائة ضيعة خراب فقالت بومة الموصل: لا أقدر على ذلك الآن، ولكن إذا دام حكم وَالينا سنة أخرى، فعلْتُ.

Exit mobile version