إسلمو ولد سيدي أحمد
عَوْدَة إلى موضوع “الْعَرَنْسِيَّة”
فِي العالَم العربيّ، وبصفة خاصّة في دول المغرب العربيّ -باستثناء ليبيا- يتحدث الناس فيما بينهم، إلا من رحم ربّي، بمزيج من الكلمات العربية والفرنسية، ويستوي في ذلك المتعلم والأميّ، وما بين هذا وذاك، فنجد -مَثَلًا- مَن يقول: سافَرت بـ “التُّومُوبِيلْ”، بَدَلا مِن سافرت بالسيارة. ومَن يقول لسائق السيارة: “فَيْرِي آدَرْوَاتْ”، بدلا من: دُرْ يَمِينًا أو إلى اليمين. ومن يقول أدوات “الْكُوزِينْ”، بدلا من أدوات المَطبَخ. ونجد الطبيب يقول للمريض: ارْفَعْ “لِيزْيَهْ”، بدلا من: ارفع عَيْنَيْكَ. أَنصَحُكَ بـ “لَسْبُورْ” خاصة “لَامَارْشْ”، بدلا من: أنصحك بالرياضة، خاصة الْمَشْي أو السيْر على الأقدام. والقائمة طويلة…!
وسبق أن تحدثت عن هذه الظاهرة المُسْتَهْجَنَة، في الحلقة (133) من سلسلة “الرقيب اللغويّ”، المنشورة إلكترونيا، وأعود مرة أخرى إلى الموضوع، فأقول إنّ هذا النوع من العبث بلغة التخاطب خطير على اللغة (أيّ لغة)، وخطير على المتحدث باللغة، لكننا -ربما بحسن نية- لا ندرك هذه الخطورة.
من ذلك أنّ هذا السلوك، يشوِّه اللغة. ثُمّ إنّ من يتعود التعبير بهذه الطريقة المُعوجَّة، لن يستطيعَ التعبيرَ بلغة سليمة -عند الاقتضاء- سواء أتعلق الأمر باللغة العربية أم باللغة الأجنبية.
أرجو من مُحِبِّي اللغة العربية والمدافعين عنها والمهتمين بسلامة المتداوَل منها، أن يحاولوا التخلي عن هذه الظاهرة السيئة التي لا نجدها عند الشعوب الأخرى، وأن يُعَوِّدوا أنفسهم على استعمال الكلمات والمصطلحات العربية المتوافرة، وأن يتحدثوا بلغة سليمة، في محيطهم الأسريّ، ومع الزملاء في العمل، وفي حياتهم اليومية، أينما حلوا وارتحلوا.
ومن الطبيعيّ بالنسبة إلى الإنسان العربيّ، أن يكون الحديث -في المواطن المشار إليها وفي غيرها- بلغة عربية سليمة أو بدارجة عربية مهذّبة (ما يُعرف بدارجة المثقفين)، وذلك أضعف الإيمان.