ليس كلّ إسلامي “مُحافظ” وليس كلّ يساري “ثوري”

عايدة بن كريّم
في عصر عَوْلَمة أنماط العيش ولَبْرَلَة القِيَم وتشابُكِ الفضاءات العامة والخاصة تفقد التصنيفات معناها… وتُصبح أي محاولة لتصنيف المجتمعات أو الأفراد أو الجماعات حسب مقاييس مُحدّدة وبشكل مُسبق، هي تعسّف على الواقع وأدلجة للمعايير…
بعد الثورة اكتشفنا أنّ ليس كلّ إسلامي “مُحافظ” وليس كلّ يساري “ثوري” وليس كل عروبي “قومي” وليس كلّ جامعي “مُثقّف” وليس كلّ مُسلم “إرهابي” وليس كلّ أولاد فرانسا “حداثيين” وليس كلّ حداثي “مُستنير” وليس كلّ نهضاوي “نزيه” وليس كلّ وطد “وطني” وليس كلّ شيوعي “أممي” وليس كلّ نقابي “مُناضل” وليس كلّ شاب “مُستهتر”… وليس كلّ من دخل الحانة “عديم الأخلاق” وليس كلّ من دخل المسجد “يسير على الصراط المُستقيم”…
تعلّمنا من السنوات الفارطة أنّ مقاييس الفرز (ما يجمعنا) ليست الإنتماء الجهوي ولا الطبقي ولا السياسي ولا القطاعي ولا الأيديولوجي… ولكن هي “الرجلة” يعني الوقوف إلى جانب “الحقّ” أو ما نتصوّره كذلك، هي نصرة المظلوم كائن من كان وحتى إن لم يكن من “جماعتنا” والتصدّي للظالم حتى إن كان زعيمنا وقائدنا…
“الرجلة” هي كلمة حقّ عند سُلطان جائر… “السلطان” بأبعاده المُتعدّدة.
وهذه القيمة لا يُمكن أن تحتكرها أمّة ولا قوم ولا قبيلة ولا جهة ولا فئة ولا شريحة عمرية ولا يُمكن أن ننزعها عن نوع (أنثى أو ذكر) ولا عن جنس (أسود أو أبيض أو أصفر..) ولا عن قطاع ولا عن “جماعة”… هي قيمة يكتسبها الفرد أو “الجماعة” بممارسة التفكيك والتعوّد على النقد والتحرّر من خطاب الآخر.
ولذا تجنّب التعميم والإبتعاد عن الأحكام المُسبقة وضبط النفس تجعلنا أقرب لـ”الرجلة”.

Exit mobile version