تجمع عدد من القانتات التائبات العابدات السائحات السافرات ثيبات وابكارا امام بيت المرزوقي في حركة غير قانونية، إثر حملة إعلاميّة ممنهجة استعرت ضده وتمخضت عن مظاهرة حاشدة بـ 15 نفرا. اتهم فيها بشتم التونسيين رغم اعتباره ان ما وقع فيه المجتمع التونسي من تهاوي اخلاقي زمن الاستبداد كان فيه النظام سببا. وحُرف الكلم عن مواضعه، وتم اقتطاع جزء من الفيديو على قناة الجزيرة نفسها مرة اخرى، كما فعل “حمزة البلومي” في فبركة سابقة، و”بوغلاب” حين اقتطع جزءا من مقال الريسوني عن المراة. ونشرت صحيفة الشروق يوم 10 اكتوبر 2016 “راشد الغنوشي للشروق: اثق في الباجي.. المرزوقي طعننا والجيش بريء”. تقرا الحوار مرات ولا وجود لكلمة “طعننا” اصلا. وتواصل الصحيفة يوم 14 فيفري 2017 نشر عنوان “الشعب يريد محاكمة المرزوقي”. لتصفي حسابها مع كل رموز الثورة وحزب المؤتمر سابقا، بعد ان اسقط سليم بن حميدان وزير املاك الدولة، حق مدير الصحيفة في ضيعة فلاحية غنمها في عهد المخلوع.
للتاريخ، اقتطعت وزارة الداخلية مقطعا من مداخلة العجمي الوريمي سنة 1990 في المؤتمر الوطني الثالث للاتحاد العام التونسي للطلبة حين قال متباهيا: “لا وجود لمجتمع مدني دون اتحاد عام تونسي للطلبة” ولكن الداخلية لم تبث الا “لا وجود لمجتمع مدني” في الندوة التي عرضها عبد الله القلال يوم 28 ماي 1991 مشوها للحركة الاسلامية ليوهم انها ارهابية لا تعترف بمدنية الدولة.
قصة استهدافه اثر الثورة بدات بكلمة “السافرات” التي ظنها مثقفو الحداثة ومطالعو الفهارس نقيصة وسُبّة، وبنوا عليه كل احاديث افكهم، في حين انها تعني -فقط- المراة غير المحجبة. ولم يعرفوا ان “المراة بين الحجاب والسفور” عنوان في “انجيلهم” “امراتنا بين الشريعة والمجتمع” للحداد. وعوض الفخر بطبيب يحسن لغته الام عكس السواد الحاسم من الاطباء التونسيين بحكم تكوينهم، كان الذم. لم يزد المرزوقي شيئا في تصريحه الاخير عما قاله الكواكبي في اثره الخالد “طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد”. حين اعتبر “الاستبداد اسّ كل فساد ورذائل في الدولة والمجتمع”. وعهد بن علي لم يبق فيه مال غير معرَّض للسّلب، ولا شرفً للإهانة.
اكبر جريرة ارتكبها المرزوقي هو “خيانته” العائلة العلمانية اليسارية التونسية التي لم تر منها غير وجهها اللائكي الذي يعتبر الدين مشكلا وعائقا امام الحداثة والرقي ودولة “المُضي قُدما” الكاذبة. فضح زيف مفهومها المفكر الفرنسي “جُون باَبيرُو” في كتابه العلمانية الزائفة “La Laïcité Falsifiée” التي اكتوت بها المنطقة. وجريرته الثانية، انه لم ير في الاسلاميين ارهابيين، وكتب في التسعينات على اعمدة صحيفتهم بعد خصومة مع اليسار في رابطة حقوق الانسان حين كان رئيسها: “انه خَبر الخصوم ولكن الخصم الاسلامي كان نزيها”. وجريرته الثالثة، وهي “جريمة” كل جنوب “الترويكا” انه من قبلي، والغنوشي من حامة قابس والعريض من مدنين… لم يولدوا على شواطئ عليسة، ولا تظهر نساؤهم في المحافل واعياد الحب وسان فالنتان المسيحية، وجريرته الرابعة، انه من الذين انشبوا اظفارهم في جسد الاستبداد حتى خر صريعا، وآمن بالثورة الى اخر رمق، عكس من آمن بليلى والطرابلسية.
سر الحملة هو سبر اراء حديث لشركة فرنسية بين امكانية حصول المرزوقي 61 % من الأصوات في حال اجراء انتخابية رئاسية مبكرة، لم يتم نشر نتائجه بضغط من دوائر من الرئاسة، وقُرر تنظيم الحملة. الهدف منها:
1. استباق منافسة قادمة قد يشارك فيها وابعاده عن اي دور سياسي حتى لا يلج من جديد رجل من الداخل التونسي عرين الحكم القرطاجني العلّيسوي. فالراسخون في حكم تونس يرون انه لاول مرة، منذ من عهد البايات “دنَّس” الدولة بعد 23 اكتوبر 2011 جسم غريب عنها.
2. والايهام بان البلاد لم تعش مشكلا اخلاقيا قيميا بالمرة في عهد حامي الحمى والدين وهي الصورة المعلقة -بصفاقة- على باب الخمارات في عهده. تناسى المطالبون بمحاكمته والمدافعين عن “نظافة المجتمع” ان يرفعوا قضية بالباجي حين نعت جزءا من التونسيين بالمتطرفين، وبعضا من الامنيين بـ “القرودة” والحقوقيين والسياسيين المعارضين بالإمّارك والزقاقيّين… والمراة “ماهي إلاّ مرا” والجنوب بـ “خشاخش الإرهاب” والصحفيين والإعلاميّين. “جاك الغول يا مهبول” هو شعار انصار الباجي في الحملة الانتخابية، ثم تناسوا انه قال بنفسه يوم زار “سوق باب الفلة”.. كان مش واحد مهبول كيفي انا راهو ميقبلش يتحمل المسؤولية ؟؟؟”.
لست من انصار عودة من سبق الى السلطة حكومة او رئاسة والمستقبل للشباب. “فقد قيل ما قيل ان صدقا او كذبا” كما قال النعمان بن المنذر للربيع بن زياد حين هجاه لَبيد. رغم يقيني بزيف التشويه وبُهت القوم. ودون تبخيس او تقديس، وقد تختلف مع الرجل وترى ان مزاجه وتكوينه الحقوقي لا يسمحان له بالمدارة والمداهنة والخطاب السياسوي وادوات يحتاجها السلطان، يبقى من المثقفين المرابطين الذين آمنوا بالثورة في حركة ثابتة سيذكرها له التاريخ كما لغيره. زمان الاستبداد لم يجد غير الاسلاميين خصما نزيها، وأَوان المهجر لم يجد غيرهم ظهيرا ونصيرا. كان ذا مروءة، وَ ذَو الْمُرُوءةِ قَدْ يُكْرِمُ عَلَى غَيْرِ مَالٍ، كَالأَسَدِ الَّذِي يُهَابُ وَإنْ كَانَ رَابِضاً، كما قال ابن المقفع.
ولكن حين تسمع الاصوات الناعقة تدرك ان بعض الناس يمتلكون رؤوسا لا يستفيد منها الا الحلاّقون.