سامي براهم
إلى السيّدة الفاضلة رئيسة الهيئة الوطنيّة لمكافحة الاتّجار بالأشخاص روضة العبيدي
بمناسبة تشكيل الهيئة الوطنيّة لمكافحة الاتّجار بالأشخاص بمقتضى القانون الذي صادق عليه مجلس النّواب أحيط هذه الهيئة ورئيستها علما أنّني كنت شاهد عيان على تجارة الأشخاص داخل عدد من السجون التّونسيّة.
حيث شاهدت وعاينت بنفسي مثلا أنا وعديد المساجين سنة 1992 ما كان يقترفه في سجن برج الرّومي “كبران السنترة” أي “كبير ناظري غرف السّجن أو ناظر السجن العام” وهو سجين حقّ عامّ تُعيّنه إدارة السجن ضمن مواصفات محدّدة للإشراف على النظام السجني الداخلي.
كان هذا النّاظر عند استقباله لقوافل المساجين التي تأتي من سجون الإيقاف يعمد إلى انتقاء المساجين من صغار السنّ أو من ذوي الوسامة ثمّ ينقلهم إلى الغرفة التي يسيطر عليها ليقع تدجينهم وإخضاعهم من خلال التحرّش بهم واغتصابهم تحت تأثير المخدّرات التي كانت متوفرة.
ثمّ يقع لاحقا الاتّجار بهم من خلال بيعهم إلى ناظري الغرف الأخرى بأثمان باهضة على مرأى ومسمع وعلم من الجميع بما في ذلك أعوان السّجن، كما كانت تقع عمليات تبادل هؤلاء المساجين بين ناظري الغرف ومقربيهم بمقابل.
كانت هذه العمليات تتمّ بشكل معلن أحيانا وبشكل خفيّ احيانا أخرى لكنّه لم يكن خافيا على المساجين القدامى وأعوان السجن المتواطئين بشكل قصدي أو في إطار غضّ الطرف ومحاباة بعض كبار المساجين الذين لهم سلطة في هذه السّجون.
أشهد أنّ هذه العمليات التي تصنّف ضمن الاتّجار بالبشر بغاية الاستغلال الجنسي على طريقة القرون الوسطى وقعت في عديد السّجون التّونسيّة إلى حدود الثورة دون رادع،
دفعني إلى تقديم هذه الشهادة الخشية من تواصل هذه الممارسة في السّجون التّونسيّة التي لا تزال تنتظر برنامجا لإصلاحها وتأهيلها لتكون فضاء للإصلاح.
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.