برغم الحصار الإعلامي، وبرغم تجاهله له وتجييش حملات التشويه والنّيل من شخصه قبل تولّيه رئاسة البلاد وأثناءها وبعدها، فإنّ الدكتور المنصف المرزوقي استطاع أن يحافظ على بصمته في العمق الشّعبي التونسي وأن يحوز على رضاء كثير من العقول النيّرة من الشّعب وأن يحافظ على شعبيّة محترمة من حواري وأزقّة وأحياء ومدن وقرى البلاد،،، ذلك لأنّه أثبت أنّه على عِنْده وعهده سواء يوم كان يرأس البلاد أو حتّى بعدها وما بدّل تبديلا، ذلك لأنّه تحمّل وحمل مشروعا وطنيّا -شعبيّا- ينطلق من الشعب ويعود عليه،،، ذلك لأنّه مدّ يده لقوى النّضال والكفاح في العالم ضدّ الظلم والهيمنة والبلطجة الصهيونيّة، كما تمكّن حتّى في فترة رئاسته أن ينفلت من عقال البروتوكولات و -التضييقات- السياسيّة ليضع بصمته التحرّرية في المحافل الدّولية قاطعا مع خنوع ومذلّة العهد البائد وتبعيّته العمياء أذلّت البلاد والعباد.
الرّئيس السّابق أثبت عمليّا وفعليّا برغم الضغوطات والمحاصرات والتهديدات أنّه أهل لأن يكون عنوانا جامعا لكلّ المشارب والتوجّهات وأنّه أيضا كان رئيسا بمواصفات تونسيّة،، فإذا كان هذا فعله في (الزّمن الصّعب) فهو لا محالة سيكون على نفس العهد ليواصل نهجه الذي انتهجه.
أثبت السيد المرزوقي أنّه كان ولا يزال -يا جبل ما يهزّك ريح- وأنه عن مبادئه لن يحيد وخصوصا أنّه كان الجواد الخاسر لشواذّ الفكر الفاسد والعلمانيين المتطرّفين واللاّئيكيين التغريبيين يوم أن عقدوا آمالهم عليه ليحْيي مَواتهم ويرفع أعلامهم ويقيم قدّاسهم، غير أنّ الرّجل كان في غير هذا المحلّ المشين ولم يشأ أن يكون عنوان تفرقة ولم يلبس ما أرادوا تفصيله له ولم يسايرْ رغباتهم في ما نسجوا من حبائل مكرٍ ودهاء وما بيّتوا من نوايا خبيثة لاختطاف البلاد في ساعة العُسرة ولعلّ أشهرها -واقعة النّافورة- البائسة والتعيسة. ولذلك هم يبيّتون له حقدا دفينا ومكرا سيّئا مازالوا يلاحقونه به ويقاطعونه به ويشوّهونه به كلّ مرّة في حوانيت إعلام العار والمذلّة، ومازالوا لا يتورّعون في تسليط سفهائهم وأغبيائهم على شخص الرّجل وتاريخه…
السيّد المنصف المرزوقي كان رئيسا بنكهة هذا الوطن.. كما كان (ولا يزال) يفكّر تونسيّا، يعيش تونسيّا يحسّ بآلام كلّ التونسيين ويشاركهم نفس الآمال والطموحات، وهو لا يزال سياسيّا قياديّا بنكهة هذا الوطن. أيضا هو يمتاز بثباتٍ و -عِنْدٍ- فيه بقدْر ما يدفعه ويساعده على الإنتصار لقيمه ومبادئه في زمن غابت فيه المناقب وعزّ فيه الرّجال وكثرت فيه مغريات السّلطة والجاه والمال فصار فيه الرّويبضات في رأس القاطرة…