محمد بن رجب
لو كان «جات تونس متاع رجال» ناجي جلول يدخل السجن هذه الليلة.. او على الاقل لا ينام في فراشه وهو وزير… وفي الصباح يمر الى التحقيق…
انه وزير.. ومن المفروض ان تكون حكومته تؤدي واجب تحقيق اهداف الثورة.. وهو يعلن في احتقار للجميع.. بن علي رجل دولة… ويضيف.. وانا اتحمل كامل مسؤولياتي في ذلك…
فاين انت يا سي يوسف الشاهد اندادك.. ومن هم اصغر منك قاموا بالثورة على مستبد فاسد فكيف ياتي وزير من حكومتك ليعلن بان بن علي رجل دولة..
والمسالة طبعا لا تتعلق بالديمقراطية… فهذا الرجل اصبح وزيرا لان ثورة قامت على الفاسد المستبد ناهب الشعب وزعيم عصابة دولية اسمه زين العابدين بن علي.. وفي هذه الليلة يعلن على رؤوس الملا بان بن علي كان رجل دولة.. واذا خيروه سيختاره…
ثم يقول بان حزب التجمع حزب ممتاز… وهو يعرف ان ثورة عارمة اطاحت به وبقيادته… وهو متهم بالفساد والاستبداد والسعي الى خدمة المافيا الدولية التي يقودها بن علي وتحكمها ليلى بن علي ويديرها بلحسن الطرابلسي. ثم ان القضاء اصدر فيه حكما بالازالة.. والاعدام واحالة اوراقه على مفتي الديار التونسية بلغة الاشقاء المصريين…
ويعرف جلول جيدا ان هذه الثورة قادها شباب وقدم اكثر من 360 شهيدا… لما كان هو مجرد متفرج في مظاهرة كانت تحركها جماعة خططت لانقاذ التجمعيين ونظام بن علي بعد التخلص منه… والكثير اعتقد انه بالفعل اجبر بن علي على الهروب.. لقد كانت العمليات السياسية الترتيبية تجري في القصر… وتسعى الى التغطية بتهييج شارع بورقيبة واقناعها بان زمام الامور بايديها… وفي الواقع زمام الامور افلت منها…
لولا هذه الثورة ما كانت تونس تعرف شخصا اسمه جلول ام ناجي جلول فلم يكن اكثر من مدرس تاريخ… في حين ان زملاءه كانوا من المشاهير في التدريس وفي الحراك الاجتماعي وفي معارضة بن علي وبورقيبة زمن الجمر… لم يكن ناجي جلول اذن غير مدرس بلا اشعاع ويتلقى مرتبه العالي… وخلاص…
وتقوم ثورة.. ويقفز عليها ويقدمه المخططون لتهريب بن علي كخبير وسياتي اليوم الذي نعرف فيه من الذي اخرجه من العتمة الى الضياء… وبسرعة تبناه الاعلام.. واصبح وزيرا كل ذلك كان سهلا لانها قامت في البلاد ثورة.. وهي التي وفرت الظروف ليكون ماهو عليه الان..
وعوض ان يحترم من قام بالثورة فانه عبر عن احتقاره لهم باعلانه الصارخ بان من كان يقتل الناس ويدمر الدولة ويفسد عالميا كان رجل دولة… نعم انه يقول بوضوح كامل وبلا رموز بان بن علي رجل دولة في حين ان الباجي وصفه بالجندي «المزرطي» اي الجندي الذي يهرب من المواجهة في الحرب.
ثم… ان جلول سعى الى تنظيف التجمع لا لشيئ الا لان النداء في الاصل حزب التجمع… وهو حزب غير شرعي… وقد التحق به ترضية لمن كان يخطط لاعادة التجمعيين الى الصدارة ولم يثبت في مكانه مع النداء اكثر من اشهر ليصبح وزيرا وهو الذي كان طموحه لا يتجاوز اكثر من ادارة مؤسسة او ان يكون رئيس جامعة…
انا شخصيا لا يمكنني ان اثق في هذا الوزير… وليس من حقه ان يشرف على برامج لتدريس ابنائنا التاريخ والاخلاق والتربية والفلسفة واللغات ايضا.. كيف اثق فيه وهو يجعل من ديكتاتور مستبد رجل دولة اية اخلاق تسمح له بان لا يصدق الشعب الذي قال لا للتجمع… ولا يعتبر التجمع فاسدا كما اقر الشعب لما صرخ ارحل «ديقاج» وطوق بناية التجمع في اكبر شارع بالعاصمة… وقدم ضحايا من اجل ذلك…
كيف يبرمج التربية وفي اقواله لا توجد قيمة واحدة يمكن ان تسعد الشباب فيدافع عنها. وكيف يبرمج للفلسفة وهو لا يحترم الدولة ولا النظام ويعتبر بن علي رجل دولة… وجهازه نظام نظيف…