مع بداية السنة الجديدة بدأت تظهر بعض الأرقام والمؤشرات المالية والاقتصادية لأغلب الشركات التونسية وخاصة البنوك الخاصة والعمومية وفي هذا الاطار تفاجأ الرأي العام بإعلان البنوك العمومية الثلاثة بتحقيق أرباح معتبرة مقارنة بالسنة الماضية وهذا من شأنه طرح الكثير من التساؤلات والاستفهامات حول حقيقة الوضعية المالية للبنوك والوضعية الاقتصادية للبلاد.
في الوقت الذي كانت التقارير المحلية والدولية تتحدث عن هشاشة القطاع البنكي في تونس وعن ضرورة إعادة رسملة البنوك العمومية لانقاذ الاقتصاد التونسي تأتينا الاخبار من المواقع الاقتصادية المتخصصة عن تحقيق البنك الوطني الفلاحي لنمو في الارباح بحوالي 12% وبتحقيق بنك الاسكان لنمو في الارباح بحوالي 17% وأما الشركة التونسية للبنك فقد أعلنت نسبة نمو للأرباح في حدود 15 %.
إن نسب أرباح البنوك العمومية المعلنة للسنة المنقضية 2016 لا تتماشى مع نسبة النمو الاقتصادي العام لهذه السنة والذي لن يتجاوز 1% ولا يتماشى كذلك مع الدواعي التي دفعت لاستحداث قانون ينظم حالات إفلاس البنوك التونسية (البنك الفرنسي في حالة إفلاس غير معلنة) دون أن ننسى صيحات الفزع التي أطلقها صندوق النقد الدولي حول كارثية الديون البنكية الغير مستخلصة في تونس وحول ضرورة إنقاذ البنوك العمومية من الافلاس.
إن التناقض المشهود بين إرتفاع مؤشرات البنوك العمومية المعلنة وبين تنبيهات وتحذيرات البنك الدولي وشركات الترقيم السيادي من إنهيار المنظومة البنكية التونسية جعلتني في حيرة من أمري الى أن صادفني أحد الخبراء المختصين في الشأن المالي والاقتصادي ليفسر لي الامر وينزع عن فهمي الغموض.
كان السؤال الحائر هو كيف لمنظومة بنكية أنهكتها السرقة واللصوصية واستحوذ عليها آل الطرابلسية أن تستعيد عافيتها بسرعة وتحقق أرباحا معتبرة بنسق يفوق نسق الاقتصاد التونسي فجاءت الاجابة صاعقة وأكثر حيرة :
نظر لي الخبير الاقتصادي مبتسما ثم ضاحكا ثم مقهقها وقال لي : (جد عليك) أنتم في تونس تعيشون خديعة أكبر مكرا وخبثا من منظومة بن علي وأن كل أرقام ومؤشرات أرباح البنوك العمومية في تونس هي ملعوب فيها فهي أرقام خيالية وهمية لخداع المساهمين ومنظمات المال الدولية وأن هذه الخديعة يشترك في حبكها مسؤولي البنوك العمومية ووزارة المالية والبنك المركزي وهيئات الرقابة التي من المفروض أن تعارض التلاعب وتزوير الارقام بما في ذلك خبراء المحاسبة ومراقبي الحسابات القانونية وأن نظم المافيات التي كانت تتحكم في منظومة البنوك التونسية في العهد السابق هي نفسها التي مازالت تخدعكم وتتهكم عليكم وتسخر منكم وأن الاقتصاد سينهار قريبا أو سيوضع تحت وصاية دولية لو تواصل حكم المجرمين في الاموال العمومية بنوكا وشركات عمومية أو شركات مصادرة…