كمال الشارني
كم انتظرنا أن نرى برامج إخبارية حوارية في ساعات الذروة على قناتنا الوطنية، صناع قرار يقطر العرق من جباههم إزاء صحفيين مختصين يعدون برامجهم جيدا، أعمالا صحفية استقصائية حول الفساد، برامج مباشرة مختصة في الاقتصاد، الثقافة، في الانتقال الموجع من ثقافة الطغيان إلى الحكم الرشيد، ريبورتاجات وقصصا إخبارية تعطي معنى إنسانيا لنضالات الناس والمجموعات، شيئا يبرر أجور ذلك الجيش العرمرم من الموظفين والمتعاونين في التلفزة العمومية.
وبعد انتظار طويل وممل، طلع علينا الجماعة ببرنامج يشبه في كل تفاصيله برامج الألعاب المخصصة للأطفال، ضيوف من الدرجة الثالثة، غياب تام عن الأحداث أو ما هو متوقع وغياب زاوية تناول حرفية، أسئلة مدرسية تكشف عن غياب الإعداد والخلفية إلى درجة الهواية، وكأن نادي أطفال يقف وراءها، يعني في مرحلة إعادة اختراع الماء الساخن، على الأقل مقارنة ببرامج القنوات الخاصة.
شخصيا، انتظرت لمعرفتي بأن في التلفزة العمومية كفاءات مهنية فذة في كل المجالات، لديها القدرة على التصرف في أربع ساعات، وليس في أشهر، البلاد ليست كبيرة، والناس تعرف بعضها، وإذا كنت تريد أن تصنع شيئا جيدا، فهذا لا يتطلب معجزة، فقط إرادة صادقة، “حتى إذا كنت لا تعرف، فثمة من يعرف” في التلفزة، يعرف الداعي والدعداعي والركوب برداعي، الإعلام الخاص عنده من يدافع عنه، أما الإعلام العمومي، فهو مثل البقرة التي بلا ذيل، ينش عنها الله الذباب، وقديما قال صديقي الشرير خميس الخياطي عن التلفزة الوطنية إنها مثل الهجالة، وأضفت أنا عنها أنها مثل الهجالة التي يفعل كل واحد من أبنائها ما يريد: “واحد يحب يطيب عضمة، وواحد يحب يدردر بسيسة، وواحد يحب على كرواسان، وآخرون لا يقومون صباحا أصلا”، وربي يستر وبره.
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.