خلاصة فلكيّة : طريق إلى الحقيقة
نضال السالمي
هامّ جدّا ..
من الحقائق الفلكيّة الّتي توصّل لها أعظم علماء الكون مستخدمين آخر التّقنيات والوسائل مثل تلسكوب الفضاء هابل وغيره ما يلي :
يوجد في الكون قرابة 170 مليار مجرّة من بينها مجرّة “درب التبّانة” الّتي ينتمي إليها كوكب الأرض..
يبلغ قطر مجرّة “درب التبانة” 100 الف سنة ضوئية.. وفيها تقريبا 200 مليار نجم.. ومعدّل المسافة بين نجمٍ وآخر هو خمسة سنوات ضوئيّة.. وتبلغ كتلتها 600 مليار مرّة كتلة الشّمس..
غير أنّ هذا الّذي ذكرته سابقا يمثّل تقريبا 5 بالمئة فقط من مجموع المادّة الكونيّة.. وتحديدا هذه فقط المادّة الّتي يمكننا مشاهدتها في الكون (أعني تلك الـ 170 مليار مجرّة هي 5 بالمئة فقط من الكون)..
يعني أنّ الكون يحتوي على مليارات التريليونات من المجرّات والغبار النّجمي والسّديم الكوني والعجائب والأسرار الّتي لا يمكن لمليار عقل بشري أن يتخيّلوها ولو آجتمعوا لذلك خصّيصا..
ولذلك كلّه يتّفق أغلب العلماء الكبار على صحّة فرضيّة الإنفجار العظيم لكنّهم عاجزون عجزا مطلقا عن مجرّد تصوّر: ماذا كان هناك قبل الإنفجار العظيم ؟؟
ثمّ هم متّفقون على أنّ لكلّ بداية نهاية وأنّ هذا الكون سينتهي يوما ما عبر الدّخول في نفق كبير أو بالأحرى سيقع آبتلاعه في ثقب أسود هائل.. ولكنّهم وهنا أيضا لا يملكون أدنى تصوّر عمّا سيحدث بعد نهاية الكون.
ومن عجائب القرآن أنّ العلماء يتّفقون على نظريّة الإنفجار الكبير الّتي تؤسّس لبداية الكون.. وقد أخبر القرآن منذ مئات السّنين عن ذلك بقوله: “أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ” الأنبياء (30).
ويتّفق هؤلاء العلماء على النظريّة العجيبة الّتي أصبحت حقيقة علميّة أكّدها مسبار الفضاء هابل وهي نظريّة توسّع الكون.. اللّانهائي يزداد شساعة.. وقد قال الله في محكم التّنزيل: “وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ” [الذاريات : 47].
يقول عالم الكونيّات البريطاني “بول دايفس” كلمات من أروع ما يكون:
“لقد دلّت الحسابات أن سرعة توسّع الكون تسير في مجال حرج للغاية، فلو توسّع الكون بشكل أبطأ بقليل جداً عن السرعة الحالية لتوجّه إلى الانهيار الداخلي بسبب قوة الجاذبية، ولو كانت هذه السرعة أكثر بكثير عن السرعة الحالية.. لتناثرت مادة الكون وتشتّت الكون، ولو كانت سرعة الانفجار تختلف عن السرعة الحالية بمقدار جزء من مليار جزء لكان هذا كافياً للإخلال بالتوازن الضروري لذا فالانفجار الكبير ليس انفجار اعتيادياً بل عملية محسوبة جيداً ومنظمة من جميع الاوجه..
إن من الصعب جداً إنكار أن قوة عاقلة ومدركة قامت بإنشاء بنية هذا الكون المستندة على بنية حساسة جداً… إن الحسابات الرقمية الحساسة جداً والموجودة في أسس الموازنات الحساسة دليل قوي جدا على وجود تصميم على نطاق الكون”.
هذا قليل من كثير.. ثمّ يأتي كائنٌ ما قرأ خمسة كتب وبالكاد يفهم شيئا عن أيّ شيء.. ليعلن بكامل الثّقة أنّ الله غير موجود.. وأنّ محمّد (ص) ليس رسولا.. وأنّ القرآن كتاب بلا معنى.. وأنّ المسلمين مجموعة من الرجعيّين والظلاميّين.. وترى حوله عشرات الكائنات يصفّقون أو يضعون الجامات..
هههه.. ما أحوجني إلى مُسكّن..
وأمّا العاقلون والأذكياء وخصوصا من تميّزت أرواحهم بالصّفاء الكافي لتقبّل الحكمة الكونيّة.. فلا تزيدهم هذه المعلومات إلّا هياما وإيمانا بالله.. وحنانا بالغا على المخلوقات.. وبالتّأكيد إصرارا أكبر وأكبر على الحبّ كجوهر روحي يضيء ذاك الكون الغامض بأنوار العشق الخالدة… وبعد ذلك كلّه: لا يزيدني هذا إلا خجلا وإجلالا لله.. ورغبة عارمة في المزيد من البكاء.