جريمة حل الأوقاف
مأساة أهلنا مع الفقر ومع الجوائح الطبيعية لا يتحمل وزرها فقط من أغلق أخيرا بعض الجمعيات هنا وهناك. الجريمة الكبرى في حق تونس وقعت مباشرة بعد الاستقلال.
كان في بلادنا مفخرة اسمها الأوقاف (الاحباس). تم حلها والغاؤها لانها رافد من روافد الدين وهذا لم يصنعه حتى ملهم بورڨيبة كمال أتاتورك، بقيت الأوقاف على حالها في تركيا وفي كل بلدان العالم وسخر بورڨيبة في أحد خطبه من غفلة أتاتورك هذه.
كان الشعب السخي قد أوقف ثلثي مايملك على التعليم والصحة ومجابهة الحاجة والفقر.
من يراجع نظام الأوقاف في تونس يجد العجب العجاب:
فضلا عن أوقاف التعليم (الزيتونة وغيرها) الصحة (عزيزة عثمانة ومستوصفات في أماكن عدة) تعليم البنات (آخر من أشرف عليه الشيخ محمد صالح النيفر).
أوقاف عدة لأصحاب الحاجات من مثل المريض الذي لا يرجى شفاؤه يرافقه رجال يطمنئونه ويختلقون له أقوالا لتهدئته حتى يغادر هذه الدنيا في راحة نفسية.
وقف للمصاب بالأرق يأتيه ذو صوت شجي قرب نافذته يتلو ما تيسر من القرآن والذكر حتى ينام.
وقف الخادم الذي يكسر الأواني. وقف المرأة المضطهدة من زوجها.
أوقاف الحيوانات السائبة تجمع في مكان لاطعامها ورعايتها.
فضلا عن أوقاف الجفاف والجوائح الطبيعية انتهاء بوقف خدمة الحرمين بما في ذلك اطعام الحمام.
لم أختلق شيئا جديدا ونظام الوقف أسسه الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة وأصبح مفخرة هذا الدين وتأسى به الغرب وسماه fondation بمعنى أساس المجتمع وهو الفاعل الأول في مجتمعاتهم عند الشدائد.
بالغاء الأوقاف أصبح المجتمع التونسي دون دفاعات ذاتية تخفف عنه المصائب إذا حلت.
هذا ما جناه المجاهد الأكبر على تونس ولم يجنه أحد.
وحسبنا الله ونعم الوكيل.