عبد اللطيف علوي
عندما تذهب إلى بلاطوهات اﻷوباش، فيجب أن تقرّر أن يكون ذهابك بلا عودة...
يجب أن تتصرّف كما لو كان لديك رصاصىة واحدة، لا تستعملها أبدا، إلاّ وأنت متأكّد تماما أنّها سوف تصيب الهدف…
قلتها سابقا: إنّني لست ضدّ الذّهاب إلى بلاتوهات اﻷوباش…
ولكنّني ضدّ أن يحسب الذّاهب إلى هناك حساب الرّجعة، فيغلّف الكلام، أو يستعمل أسلوب التّقيّة كي لا يصادم المنشّط وزبانيته بشكل مباشر وحاسم… ويترك الباب مواربا لاستدعائه مرة أخرى..
كلّ من يذهب إليهم ثمّ يعاد استدعاؤه، يجب أن يعلم أنه لم يكن فاعلا وناجعا وموجعا…
للأسف، كلّ الّذين ذهبوا إلى تلك البلاطوهات، سقطوا في تلك الحسبة…
لم تكن لديهم الشّجاعة الكافية كي يقولوا كلّ ما لديهم دفعة واحدة، وبالوضوح التّامّ الصّاعق، ويعودوا بعدها إلى قواعدهم وقد أفرغوا كلّ ما في ترسانتهم من قنابل وصواريخ وبراميل متفجّرة…
حين تقرأ كتاباتهم على الفايسبوك، ثمّ تراهم عند المواجهة.. تشعر أنهم يتحوّلون إلى نوع من الوداعة الحذرة المحسوبة، وكأنهم لا يستطيعون خوض المعارك إلاّ على صهوة الفايسبوك.
لن أزايد على سيف الدّين مخلوف، لكنّه البارحة أضاع فرصة الكش مات على نفسه، وعلى الكثيرين…
أمسك برأس الخيط، عندما فاجأ بن غربيّة بما ذكره عن واقعة الاغتيالين، ثمّ سرعان ما تركه رغبة في عدم تصعيد الحلقة إلى نقطة اللاّرجوع.
في تقديري، كان أهمّ ألف مرّة، أن تتحوّل الحلقة إلى محاكمة مباشرة لبن غربيّة، وكانت فرصة الحسم، الّتي ضيّعها قلب هجوم في وزن سيف الدين مخلوف…
ليذهب بلحسن الطرابلسي إلى الجحيم…
لو تحوّلت الحلقة إلى محاكمة بن غربيّة، لكان ذلك أنفع للثّورة ألف مرّة، ﻷنّ ما ذكره عن معرفته بخيوط تلك المؤامرة، والدّور الذي أصبح يقوم به منذ تلك اللّحظة، أخطر بكثير من الحديث عن تاريخ بلحسن وظهوره اﻹعلاميّ…
لو فعلها سيف، لنسف كلّ أكاذيبه من الأساس، وكشف أدواره القذرة… وعندها لن تضطرّ إلى أن تخوض معه المعارك الجانبية، التي يفرضها هو عليك في كلّ مرّة..
هنا يكمن جزء كبير من المشكل، هم يفرضون علينا المعارك التي يريدون، وفي التوقيت والظرف الذي يناسبهم، كي يخرجوا دائما منتصرين، ونحن نقع دائما في كل الفخاخ…
الذكي هو الذي يحضر في تلك البرامج، ولكنه يفرض معركته الحقيقية ولا يسقط في فخ التوجيه…
هذا ما حدث مع عبد اللطيف المكي، وكان حضوره ضعيفا جدا في التاسعة، ومع الحبيب بوعجيلة البارحة، وعلي العريض قبل ذلك في برنامج سمير الطّافي… ومازال.
للأسف… مرّة أخرى نتمسّك بمظهر الحضور الديبلوماسي المؤدّب الرّصين ونضيع الفرصة…
نصيحتي إلى كلّ من يدعى إلى برامجهم : اذهب ولا تتردّد…
ولكن اذهب إليهم ذهاب المحاربين، وقرّر بينك وبين نفسك أنّك لن تعود إليهم…
رحم الله معين بسيسو:
فأنت إن قلتها متَّ…
وإن لم تقلها متَّ …
قلها إذنْ… ومُتْ.

عبد اللطيف علوي