مضت ست سنوات اليوم بالتمام والكمال على ذلك اليوم المشهود… يوم مسيرة الثاني عشر من جانفي سنة ألفين وإحدى عشر بصفاقس التي زلزت عرش المخلوع. كان من المفروض أن أكون هنا (أمريكا) إلا أني كنت هناك (صفاقس) ذلك اليوم في قلب المسيرة! فقد كان من نعم الله ولطف قدره أني كنت موجودا بتونس طيلة أيام الثورة وقد كان لي أقارب وأصدقاء بمدينة تالة من ولاية القصرين حيث كنا على اتصال دائم نتبادل أخبار الثورة لحظة بلحظة وشهيدا بشهيد في تلك الأيام العصيبة. وقد كانت لحظات سقوط الشهداء تصلني أولا بأول وكان وضع الأهالي بتالة صعبا جدا خاصة في الفترة ما بين 5 و 10 جانفي 2011 حيث كانوا يواجهون الآلة القمعية لوحدهم إلى حين حلول المسيرة الحاشدة يوم 12 جانفي بمدينة صفاقس (وقد حصل لي شرف إستنشاق الغاز المسيل للدموع فيها :))، تلك المسيرة التي انتهت بحرق مقر الحزب الحاكم بالمدينة واستشهاد الشاب عمر الحداد رحمه الله. وكم كانت فرحة الأصدقاء في تالة كبيرة عند سماع خبر تحرّك ولاية صفاقس (الذي تبعه تحرّك العاصمة بعد يومين حين هرب المخلوع) لأن ذلك خفف عنهم الضغط وأكد امتداد الثورة إلى كل أرجاء البلاد. وفي تقديري لو لم تصمد تالة لانطفأت جذوة الثورة هناك قبل أن تمتد إلى باقي المدن التونسية.
وعند رجوعي إلى أمريكا وقد هب إعصار الثورة على المنطقة كتبت بعض المحاولات الشعرية (وأنا الذي لم أكتب الشعر من قبل) لتخليد الحدث ومن بينها هذه القصيدة التي أردتُ من خلالها تقديم تحية لشهداء تالة الستة وهم: مروان الجملي (أول شهيد)، غسان الشنيتي (أمه متأثرة أشد التأثر لفقدانه)، أحمد ياسين الرطيبي (اسم على مسمى)، محمد بولعابي (كان زواجه مقررا في صيف تلك السنة)، وجدي السايحي (يتيم الوالدين)، ومحمد عمري (فارس بحق). رحمهم الله جميعا رحمة واسعة و كل التحية لشهداء تونس مهد الثورات العربية وكل شهداء الحرية.
أعيد نشر القصيدة والمسيرة بكل ردهاتها ماثلة أمام عيني الآن:
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.