أحمد القاري
توقفت السيارات الثلاث بشكل متتابع وسريع، ونزل منها أشخاص ببذل رسمية مصحوبين برجال أمن.
غلقوا أبواب سيارات الدولة بدون شفقة محدثين جلبة نبهت الجميع إلى حضورهم وأضافت إلى سحنهم المكفهرة وأعينهم اللامعة هيبة مخيفة.
صاحب المقهى المحاذي للرصيف حيث توقفوا نظر إليهم بجزع وهم يحاولون تلمس طريقهم عبر مقاعده التي شغلت الرصيف بالكامل. أحسن بيقين أن شكاوى الناس المستمرة من احتلاله للرصيف قد أثمرت أخيرا. كان حلقه جافا وهو يفكر بطريقة للخروج من المأزق.
من نافذة في الطابق الأول من العمارة، أطل رجل خمسيني بحذر. كان يرجف تقريبا وهو يفكر بأن شركته “أوهام للأرباح المستمرة” ستتعرض لتفتيش. شركته للبيع الهرمي وتدريب مدربي مدربي المدربين أدرت عليه دخلا هائلا، ولكن كثيرا من زبائنه المتمردين قدموا به شكايات بعد فشلهم في الحصول على ما يكفي من الزبائن الجدد لتغطية مصاريف اشتراكاتهم. كان عنده مجموعة من الزبائن الجدد ولذلك فكر في شيء واحد: كيف يتخلص منهم ويخرج من المكان بسرعة. ورغم حرفيته العالية في ابتداع حلول لكل الوضعيات كان عقله متجمدا من الخوف.
فوقه بالضبط كان نقاش يجري بين رجلين يشغلان شقة يوزعان من خلالها المشروب الروحي. كانا قد تزودا بالمخزون المهرب صباح اليوم، وبالكاد توجد في البيت ممرات للحركة بسبب كثرة الصناديق. كان الرجلان يتكلمان ولم يكن أي منهما يسمع الآخر. فقد سيطرت عليهما فكرة واحدة: الإنسحاب من المكان خلال ثوان.
لجنة التفتيش كان لها وجهة أخرى مختلفة. فقد تجاوزوا بصعوبة طاولات المقهى، وكادوا يرتطمون برجل يحمل كيسا بلاستيكيا أسودا محظورا مليئا بقناني الخمر، وببضعة أشخاص يتجهون بفرح للقاء تسويقي عند شركة “أوهام للأرباح المستمرة”، ولم تتوقف لجنة التفتيش إلا على باب محل خياطة صغير يعمل به كهل طاعن في السن، وردت أخبار مؤكدة أنه تلقى من سيدة طلبا لخياطة برقع شرقي دخيل على الثقافة المغربية.