تدوينات تونسية

من طرائف المآسي

نضال السالمي
في زمن المحرقة بحقّ الإسلاميّين زمن الإستبداد.. كان ممنوع على النّاس أن تعطف وتُشفق على أولئك الضّحايا الأبرياء.. كأن يساعدوهم ماديّا بالأساس..
كان كلّ إنسان يثبُتُ لدى سلطة القمع أنّه قدّم معروفا لأحدهم يمكن بسهولة تامّة أن تُلَفَّقَ له التّهم ويقع سجنه وأحيانا لسنوات بسبب أمر بسيط..
ولذلك كان الباعة والتجّار يرفضون حتّى معاملة الضّحايا كسائر النّاس بالكريدي.. كان الجميع يتجنّبونهم.. بل حتّى أغلب المعلّمين يتجنّبون منح أبناء الضّحايا حظوظا عادلة في التعلّم والمشاركة في القسم..
كان ثمّة ميز حقيقي شبيه بالميز العنصري والطّائفي..
أعرف إمام مسجد غير نهضاوي على الإطلاق.. زمن بن علي.. وقع عزلهُ من الإمامة وسجنُهُ لسنوات بمجرّد أن كان يساعد ماديّا مساعدات بسيطة جدا لامرأة وأبنائها الصغار الّذين بلا حولٍ ولا قوّة بعد أن سُجنِ ربّ العائلة..
على كلّ الحكاية الطّريفة الّتي رواها لي أحدهم.. أنّ إمرأة في قرية شبة ريفيّة كان زوجها مسجونا وكانت في ضيقٍ شديد من أمرها.. ولها بعض دجاجات.. لكن الغريب في الأمر أنّ كل يوم تقريبا تجد في عشّ دجاجاتها كميّة من البيض تفوق بكثير عدد دجاجاتها.. وقد سبّب لها الأمر ضيقًا أوّل الأمر ثمّ قبلت بالأمر الواقع لسنوات طويلة..
بعد الثّورة أدركت أنّ جارتها الفقيرة والّتي تملك عددا أكبر من الدّجاج كانت تدسّ لها البيض لتساعدها على همّ الدّنيا.. وكانت تلك الجارة مرعوبة من آحتمال تفطّن الأمن لها.. وآتّهامها بمساعدة الخوانجية.. ولذلك كانت تقوم بفعلتها تلك في سريّة تامّة..
سبحان الله.. حين كان الشعب غارقا في أوهام “بالأمن والأمان”.. كان الكثير من الأبرياء والشّرفاء يراقب البوليس معيشتهم.. ويخاف أن تزداد دجاجاتهم دجاجة أو ينمو الأمل ويتبرعم في صدورهم..
أولئك الضّحايا.. كم نحن محتاجون للإعتذار لهم..
أولئك الضحايا قد عبروا نهر الإبتلاء إلى الضفّة الأخرى للأمان الإلاهي.. وأمّا نحن.. أمّا نحن.. فقد يُكلّفنا غاليا جدّا ذاك الصدود والإزدراء الّذي عاملنا به مساكين الله.. فياربّي سلّم.. يا ربّي سلّم..

اترك رد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock