حول موقف النهضة من استشهاد المهندس الطيار محمد الزواري
مختار صادق
على هامش تصريح رئيس حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي وحوار أمينها العام علي لعريض في برنامج “لمن يجرؤ فقط” بخصوص استشهاد المهندس الطيار محمد الزواري لاحظت أن المنتقدين لموقف النهضة في هذه المسألة ينقسمون إلى ثلاثة أنواع.
النوع الاول: هم ممن حسموا موقفهم من النهضة لسبب أو لآخر وهم يزايدون ليس إلاّ. لذلك لو أنفقت النهضة ما في الأرض جميعا فلن يبدْلوا رأيهم ولن يعجبهم العجاب. هؤلاء قد جعلت الإيديولوجيا أكنْة على عقولهم ووقرا على آذانهم أن يفقهوا موقف النهضة أو يتفهّموه ومن ثمّة فلا فائدة ترجى من محاولة إقناعهم أو مزيد شرح الملابسات لهم التي حفْت باتخاذ هكذا موقف.
النوع الثاني: من المنتقدين ينتظرون من النهضة موقفا أكثر تطوّرا وانحيازا لقضية العرب والمسلمين الأولى وقد يعيبون على النهضة عدم الصّلابة في التنديد بالعدوان الصهيوني والاعتداد بالشهيد محمد الزواري وإسهامه البطولي في المقاومة الفلسطينية. هؤلاء قد تنقصهم المعطيات لتفهم موقف النهضة وهم يدركون حجم الضغوط وضيق مجال المناورة.
النوع الثالث: (وأظنهم أغلبية) هم خاصة من الشباب الذين لم يطّلعوا على عورات السياسة. ولقد قمت بتتبع الكثير من صفحات هؤلاء على الفايسبوك ولاحظت أن معظمهم لسبب أو لآخر ليسوا ممن يكتبون كثيرا في السياسة أو يشرحون آراءهم بطلاقة أو يضعونها في إطارها الجغراسياسي ولكن يعبّرون عن انطباعهم مباشرة وباختصار (أحيانا بعربية مكسّرة أو بحروف لاتينية). هؤلاء من حقهم على النهضة أن تقدّم لهم موقفها بأكثر وضوح دون أن تتبرّأ من العالم الشهيد الذي رفع أسهم تونس عاليا بين الأحرار في العالم. التكلّم بمفردات سهلة ومباشرة ومختصرة هو ربّما كلّ ما يحتاجه هؤلاء لتفهم موقف النهضة أما التعويل بالأساس على فهم المتلقي لقراءة المسكوت عنه وما بين السطور ففيه مخاطرة اتصالية غير محمودة العواقب.