عبد اللطيف علوي
نحن نعيش في زمن وفي بلد لا يكون فيه الشّرف والحقّ والفضيلة، إلاّ على قدر ما في جيوب الناس وفي حساباتهم البنكيّة…
البغيّ الشقراء المرفّهة، بنت الأحياء الراقية، يجعل منها بغاؤها سيّدة راقية، وحرّة من حرائر المجتمع النّمطيّ الصّفيق، يجعلها تتزوّج الأمير السّعيد، وترفل في الحرير وتسكن القصور وتتعطّر بأفخر العطوروتفتي في الأخلاق والقيم وتنادم النبلاء وتمارس الرياضات الشتويّة والصّيفيّة وتنشط في المجتمع المدنيّ وتهتف في اعتصامات الرّحيل، وتبكي على تونس بالدّم إذا اختار شعبها الجاهل شذّاذ الآفاق القادمين من وراء البلايك…
أمّا البغيّ الفقيرة، بنت العشوائيّات والأقاصي، تلك الفراشة الحالمة بأن تتلحّف بالنّار، تلك التي اضطرّها الجوع أو الطّمع أو الجهل أو الضّياع إلى أن تأكل وتلبس وتتجمّل وتحلم وتقفز على سلّم الحياة بلحمها… فإنّها تموت بلا دية ولا قيمة ولا شرف تحت أقدام سيّاح اللّحوم الرّخيصة والسّماسرة النبلاء… تموت عارية سليخة ويلقى بها من الطّابق العاشر ولا بواكي لها… تلاحقها اللعنة حيّة وميتة ولا تتحرّك الدّولة ولا مثقّفوها ولا مصلحوها ليرفعوا لافتة أو شعارا أو ليصرخوا ولو مرّة واحدة:
احموا بنات الفقراء قبل أن يدهسهنّ قطار الموت الورديّ
استروا لحمكم وصونوا شرفكم وعرضكم ودينكم…
النخبة الّتي تخلق أكذوبة جهاد النّكاح في آخر الدّنيا، وتعمى عن مدن البغاء القاتل…
هي نخب مجرمة…
قاتلة…
بنات الفقراء وقطار الموت الورديّ

عبد اللطيف علوي