عبد القادر عبار
الرموز الرائعة والفاعلة والمبدعة، في تبنّيها واحتضانها وانتمائها شرفٌ وفخرٌ، ولهذا قد يحصل تنافس وتسابق بين أطراف عدة لتبنّي انتمائها، وتحضرني ثلاث حالات هي: سلمان الفارسي، وتشي جيفارا، ومحمد الزواري.
1. قال الرسول صلى الله عليه وسلم محتويًا سلمان الفارسي ومعلنا انتماءه “سلمانُ منّا آل البيت”
فقد ذكر أهل السيَر أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم خط الخندق عام حرب الأحزاب، حتى بلغ “المذاحج”، فقطع لكل عشرة رجال، أربعين ذراعا، فاحتجّ المهاجرون فقالوا: “سلمان” منا، وقالت الأنصار: “سلمان” منا. فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: “سلمانُ منّا آل البيت”.
والمشهور أن سلمان طوّف في الأرض سنوات عدة، باحثا عن الدين الحق حتى أسلم.. وانتمى، وشرّفه الرسول بإعلانه أنه “منا آل البيت”.
2. واليسار العربي لا يخجل من تبنّي رمز الثورة الكوبية “تشي جيفارا” الذي رافق وزامل الزعيم الكوبي “فيدال كاسترو”، والانتساب اليه ورفع صوره في جل التظاهرات، رغم بعد المسافة الجغرافية والثقافية، ورغم أنه (اليسار العربي) لا يملك من مؤهلات “جيفارا” إلا إلحاده.
3. والمقاومة الفلسطينة افتخرت بانتساب الشهيد “محمد الزواري” إليها ورفعت صوتها عاليا معرّفة بعضويته فيها، واحتفت به، وأبّنته تأبينا يليق بمقامه الشهاداتي.
بينما خجلت النهضة من إعلان انتماء “الشهيد” إليها، ولو في صيغتها الأولى “الاتجاه الإسلامي”.. حيث نفت أن يكون الشهيد “محمد الزواري” نهضاويا، لأنه جزء من إستراتيجية أخرى، وانه كان يتحرك في دائرة أخرى، غير دائرة النهضة كما جاء في تصريح “للشيخ راشد” على موجات إذاعة “صبر اف ام”.
– فما الذي يُخْجِل في تبنّي الشهيد، الذي قضى نحبه في سبيل الله.. في سبيل نصرة ودعم القضية الفلسطينية التي تعتبرها حركة النهضة -والحركات الإسلامية عموما- قضية مركزية للأمة وتقف بقوة إلى جانب الشعب الفلسطيني في نضاله من أجل تحرير أرضه مع تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني؟؟