زهير إسماعيل
حسب بعض الخبراء (كنت أتابع قنوات عربيّة وغربيّة) فإنّ بشار ونظامه سيكونان تفصيلا صغيرا في المشهد القادم، إذا استقرّ الأمر للمحتلّين، لأنّ المقاومة براية وطنيّة موجّهة إلى الاحتلال قد انطلقت.
يذكّرنا التقاء الروس والإيرانيين على الأرض السوريّة المحتلّة بانتصار المنظومة القديمة عندنا واستعادتها دفة الحكم في 2014، ثمّ ما كان من اختلاف على المسروق. فسيكون اختلاف عنيف على “سوريا المسروقة” بين إيران وروسيا.
مهما قلنا في إيران، فإنّ مشروعها سيكون مقابلا للمشروع الإسرائيلي بسبب تصادم المصالح. ومن المفارقات أنّ تناقض المشروع الإيراني مع المشروع الصهيوني لا يلغي تناقضه مع المجال العربي وثورته في الحريّة والكرامة واتجاهه التاريخي إلى بناء كيانه السياسي قياسا على الكيانات القوميّة المجاورة التي بنت كياناتها السياسية منذ قرون خلت. فلا معنى لأن تشتغل هذه السنة التاريخية هناك وتتعطّل هنا.
أمران يبدوان متناقضين حتّمَا التدخّل الروسي:
ـ تهاوي نظام بشّار أمام ضربات المعارضة رغم مشاركة حزب الله والحرس الثوري الإيراني، إذ كان سقوط النظام وهيمنة جماعات مسلحة متشدّدة يمثّل تهديدا لإسرائيل.
ـ انتصار النظام بدعم من حزب الله والحرس الثوري الإيراني سيجعل حدود طهران مع فلسطين المحتلّة. وهذا ما سيعجّل بالصدام بين المشروعين الصهيوني والإيراني.
الهلال الإيراني سواء كان شيعيّا أم فارسيا أم أردشيريّا مشروع تعمل إيران على تحقيقه، وقد قطعت في تحقيقه خطوات عمليّة في العراق واليمن بتطييف البلدين وتغيير طبيعة الدولة والتوازنات الديمغرافيّة التاريخيّة. ومثّل الوضع السوري سياقا ملائما لِلَجْم هذا المشروع وتوظيفه في طمس المشروع العربي في آن.
لذلك سيكون الاختلاف على “سوريا المسروقة” بين إيران وروسيا داميا. وهذا ما يجعل الورقة الروسيّة ورقة إسرائيليّة غربيّة. وقد تمكّنت من خلالها الولايات المتّحدة تدمير سوريا بأدوات بشّار وحلفائه اعتبارا بالدرس العراقي، فالولايات المتحدة التي دمّرت العراق وقتلت الملايين من شعبه وعبثت بتراثه دفعت ثمنا باهظا مما اضطرها إلى الانسحاب وترك قدر الشعب العراقي لنهم إيران الإمبراطوري وشجعها الطائفي.
المنطقة مفتوحة على احتمالات كبرى، ولن تكون مهمّة المقاومة السوريّة سهلة، إذ تحتاج إلى قدرة على توحيد الشعب السوري حولها، كما تحتاج إلى خطاب جديد ينفتح على منجزات العصر السياسيّة في الحريّة وحقوق الإنسان والاستقلال. ويبدو الانتصار الأخلاقي والإنساني في مستوى الخطاب شرطا للانتصار التاريخي على الاستبداد والاحتلال بنوعيه الإيراني/الروسي والإسرائيلي ولبنة في بناء كيان المجال العربي السياسي الذي بشّرت به ثورة الحريّة والكرامة المنطلقة من تونس.