من سيحرر حلب ؟
كانت هناك خطابات عصماء، كانت هناك مقاومة وطنية، كان هناك عبد الناصر، وكان هناك الخميني، كان هناك حسن نصر الله، كان هناك زهير مخلوف، كان هناك سالم الأبيض،… ثم كان بشار وكانت حلب. فزالت الغشاوة، زال الضباب، زالت المساحيق، سقط القناع، وسقط اللثام، وسقطت سيوف الكلمات، وسقطت دروع مقاومة السراب. امتنعت الممانعة عن الممانعة، وتعانقت مع من تُمانعه. أصبح الدبّ الروسي إلاها، وعادت نار فارس من جديد. مات عبد الناصر، ومات الخميني، وأصبح الناصري العربي خمينيا فارسيّا. مات سالم الأبيض، ذلك الخطيب المفوّه، وخرس لسانه أمام حلب. كيف يقول كلمة في بشار؟ الكلمة وحلت في وحل الحلقوم. أصبح زهير مخلوف مخلوفا، ربي يخلف.
مات ضمير العالم مع هؤلاء. طليطلة من جديد، ساراييفو من جديد، جينين من جديد. ماذا بعد حلب؟ مأساة، صحيح، ولكن رؤية واضحة. كلّ أخذ، مكانه. هل سيحرر حلب قوميّ عربيّ؟ كلاّ. يساريّ؟ كلا. ليبراليّ؟ كلا. بيتروليّ؟ كلا. متفرنس؟ كلا. متأمرك؟ كلا. ستالينيّ سوفياتي ماويّ…؟ كلاّ. من إذن؟ حماسيّ فلسطينيّ ياسينيّ رنتيسيّ عياشيّ… يعوّل على نفسه، سلاحه الإرادة، سِهامه الدعاء في السجود والناس نيام، يستمد قوّته من الحي القيوم الذي لا يزول. اتضحت الخريطة، كلّ أخذ مكانه، كلّ حقيقته مكتوبة على جبهته. ارتدّ الخطاب، وأصبح عواءً كلاب، زال السراب، انكشف النقاب، انقشع الضباب، ارجعوا إلى الكتاب، ارجعوا إلى رب الأرباب، مُجري السحاب، هازم الأحزاب.