خلّي السّلاح صاحي
سامي براهم
ونحن على مشارف ذكرى 17 ديسمبر المجيد، احترق ولم يَحْرِق، لم يقتل، لم يدمّر، لم يفجّر، لم يذبح، مات محترقا وأحيا أمّة، أشعل في قلبها نار الشّوق للحريّة، فاكتشفت أنّ الشعب يريد ليست خطابا إنشائيّا لشاعر الإرادة “إذا الشعب يوما أراد الحياة…” بل قانون من قوانين التاريخ والاجتماع البشري.
احترق وكان شعلة بروميثيوس الشرق التي انتقلت عبر مدن القهر والاستبداد، ولا تزال الشعلة تواجه ظلام الشرق الرازح تحت ظلمات الظلم والاستبداد وطبائعه التي فصّل فيها الكواكبي.
ما هي التوصية التي تصلح لهذه الذّكرى، التي تتزامن مع اجتياح حلب الشّهباء من طرف جحافل الروس والفرس ؟
المهلّلون لهذه الاجتياح في تونس كثير منهم لا يرى حرجا في أن تُجتاح حواضر تونس لتحقيق أحلامهم المذهبيّة والعقائديّة السياسيّة، وبعضهم لا أحلام له سوى الارتزاق والتنفّع، ربّما ولّى زمن المراهنة على الاجتياح على طريقة حلب ولكنّ الاجتياح النّاعم المتسرّب قائم على قدم وساق، لتخريب هذه الثّورة ومخرجاتها من الدّاخل، من داخل الدّاخل، تخريب يرفع شعار الثّورة بل يزايد بها،
التعبئة العامّة، تعبئة الوعي العام “خلّي السّلاح صاحي” سلاح الشعلة التي أوقدها من احترق ولم يَحْرِق وصوت المرأة التي نادت من سيدي بوزيد في الآفاق أن هلمّوا… لا يجب أن تنطفئ هذه الشعلة في قلوب التونسيين مهما كانت الانكسارات والنكسات والارتباكات، هذه ثورة حقيقيّة وليست واقعة عرضيّة كما يحاول مثقفوا الارتزاق التسويق لها، ثورة مسارها يمتدّ لأجيال حتّى يستوي ثمره، ويحين قطافه عدلا ورفاه واستقرارا.