برضاها أو الاغتصاب النّاعم !!!
سامي براهم
عندما تكون قاصرا لا معنى لرضاها، ليس اغتصابا تام الاركان، ولكنّه اغتصاب للطفولة، تقبل العائلة بالزواج درءً الفضيحة بل قد تدعو لذلك، ويقبل الجلاد بالزّواج تجنّبا للسّجن، ولكنّ جريمة التغرير بقاصر تبقى قائمة ولو سقطت قضائيّا،
ستتزوّج من انتهك طفولتها وتحفظ عائلتها المشاركة في الجريمة ماء وجهها، قد تهنأ الطفلة بهذا الزواج القسري المرتّب بين العائلتين تحت أنظار القضاء وتتحوّل أمّا مسؤولة على أسرة ولم تغادر ألعابها وتكبر ويبقى الجرح ساكنا، وكثير من هذه الزيجات تفضي إلى طلاق مهين وعار يلاحق العائلات،
وكثير من هذه الزيجات تفشل وتبقى الطفلة التي كبرت قبل أوانها تدفع ضريبة زواج بغير رضى الزوج الذي قصد مجرّد قضاء نزوة عابرة.
وتبقى في مواجهة عائلة الزوج التي لم تكن لترضى بهذا الزّواج الإلزامي القائم على المساومة بين الزواج والسجن.
وتبقى أكبر جريمة هي الإفلات من العقاب والتستّر على الجاني.
وتبقى أكبر جهة تتحمّل وزر هذه الجريمة النكراء هي العائلة التي أهملت ابنتها وتركتها عرضة للانتهاك، ثمّ حمّلتها وزر إهمالها وأسلمتها لجلادها.
ويبقى مفهوم الزواج القائم على الإيجاب والقبول والرّضى الإرادي محلّ نظر.
الجدل ليس قانونيا أو قضائيّا بل أخلاقي وتربويّ اجتماعي وحقوقي وإنسانيّ.
المشكل قائم كذلك في العقلية الذكورية والشّرف المزيّف التي تمنع الرّجل من التزوّج من فتاة تتوفّر فيها كلّ شروط الزواج ولكنها تعرضت سابقا لعملية اغتصاب أو تغرير أو مراودة،
الرّجل في شرقنا مفتون بالفتح الأوّل والفضّ البطولي حتّى وإن كان فتقا للمرتوق،
والرّجل في شرقنا يرى المرأة مسؤولة عن اغتصابها والتغرير بها فهي دائما مثيرة الفتنة والإغراء. والرّجل لا حول له ولا قوّة أمام شهوته المستعرة.
هذا ما يدفع العائلة لتزويجها لمغتصبها ليتواصل اغتصابها بغطاء قانونيّ حتى وإن طلقها بعد الزواج بيوم، وضع الطلاق أهون من الاغتصاب.