ولله مكر آخر “الجزء الأول”
خلال سنوات المحنة العشرين كان جزعنا الأكبر اندثار رسم الاسلام من تونس.
مناط جزعنا ما كان يبلغنا من غياب مظاهر التدين في الفضاء العام وهجر للمساجد وما تأتينا من أخبار عن اخوة انقطعوا عن الصلاة وأخوات نزعن الحجاب ومظاهر شتى من المروق عن الدين تزيدنا خوفا على رسالة دفعنا فيها دماء ودموعا.
وكنت كثيرا ما أردد لتبديد جزعي وجزع اخوتي قصة رواها شيخنا عبد العزيز الزغلامي رحمه الله.
ذكر شيخنا المحنة الأشد التي تعرض لها الاسلام في تونس كانت عند الاحتلال الاسباني لتونس وما تم من غلق لجامع الزيتونة وقتل وتشريد للعلماء وحرق مئات الالاف من المخطوطات التي تحتوي أنفس العلوم.
دامت هذه المحنة نصف قرن كاد يندثر فيها الاسلام تحقيقا لقسم ايزابيلا الكاثوليكية أم ملك اسبانيا التي عاهدت الكنيسة لتطردن الاسلام من حوض المتوسط.
أتى أمر الله من حيث لم يحتسبه أحد وأرسل الله العثمانيين لطرد الاسبان شر طردة بعد هزيمة نكراء انتصارا للدين (أفهم الحقد التاريخي الذي يكنه البعض لتركيا).
عادت الروح لجامع الزيتونة المعمور لكن أين أهل العلم الذين سيعلمون الناس وقد أفضوا إلى ربهم خلال الخمسين الطوال.
يقول شيخنا تنادى جمع من حديثي السن وتحلقوا داخل المسجد لكن من اين لهم بعالم يقتفون أثره. نظر أحدهم وقال في حي مجاور لنا شيخ طاعن في السن يسمونه الزيتوني لعله يكون عونا لنا في ما نبغي. حملوا الشيخ إلى الجامع وبدأ الشباب يسألونه عن المعلوم من الدين. أعلم رجل في تونس في ذلك الزمان لم يجب على أسئلة الشباب البسيطة لأنه نسي كل ما تعلمه.