الضحايا وبن سدرين: بين مروءة أبي جهل ورذائل الفاسدين
تمت المصادقة على ميزانية الهيئة، وتواصل الهجوم على مؤسسة دستورية لإيهام العامة أنها خاضعة للسلطة التنفيذية. ابدى السيد يوسف الشاهد امتعاضه من عدم تنسيقها مع الحكومة متجاهلا انها هيئة دستورية مستقلة عن السلطة التنفيذية. للتاريخ، ولم يقع الهجوم على الهيئة العليا لتحقيق أهداف عياض بن عاشور المُعيّن وليس المنتخب، التي عينت 155 اسما من نكرات النضال، تساوت فيها احزاب جماهيرية قدمت الاف المساجين بـ 3 اعضاء مع احزاب تملك ثلاثة انفار. اسباب عديدة تقف وراء حالة السَعار التي انتابت “مناضلي” النداء وخاصة “مناضلات” “المسابح” و”حبّك درباني” على الفيسبوك…
السبب الرئيسي للهجوم يكمن في ان :
– تونس العلمانية لم تتعود محاسبة الجلادين والسارقين بل محاسبة المعارضين الشرفاء ومعاقبتهم. وهذا ما جعل الهيئة غريبة كناقة جسّاس في ابل البَسوس.
– اثر نجاح الهيئة في جلسات الاستماع فاق التوقع، حيث بثت تلفزات يابانية الحدث طيلة 5 ساعات متتالية، وشاهد مليون ايطالي ما جرى، وصدرت تقارير من THINK-TANK امريكة مشيدة بعمل الهيئة معتبرة ان للعرب ما يقدمون للعالم عكس ما تصورنا.
– صدور تقرير الرقابة المالية الذي لم يجد اية شبهة فساد في نفقات الهيئة، وهو ما استشهدت به نائبة عن النهضة في المجلس يمينة الزغلامي، وتقرير الهيئة موجود في البرلمان منذ ماي 2016. والتقريران الأدبي والمالي للهيئة لعام 2015 مصادق عليه من الخبير المحاسب المعتمد. مبلغ 27 المليار للميزانية هو الكفيل بنجاح المسار وليس 10 مليارت كما ارادت الحكومة. علما وان 10 مليارات يساوي مبلغ 3 افلام لبوزيد وبوغدير وسلمى بكار ولوبي “سينما الحمام”، او يوم واحد من إضراب بالحوض المنجمي بايعاز من عصابات شيوعية. متزامنا مع تواصل الفساد في الصفقات العمومية العمومية بـ 2 مليار دولار اي 2000 مليار تونسية.
– عدم نجاح اعلام بقايا المخلوع الفاسد في تسويق صورته المهشمة تنضاف اليها ما نشرته صحيفة الديار اللبنانية في موقعها الالكتروني مقالا في 3 ديسمبر 2016 بعنوان “عندما مارس القذافي الجنس مع زوجة بن علي”. وتواصل جلسات الاستماع قد يحلب في اناء التيار الاسلامي من جديد بعد ان استيقنوا من تشويهه بتجربة الحكم.
تآمر نواب النداء وافاق تونس يفرض عليك المقارنة مع مشركي الجاهلية، لتجد نفسك امام خصومة ومروءة :
– كفار قريش أهل الجاهلية، لم يدخلوا جامعات، ولكن كانت عندهم النزاهة الإعلامية. لما قابل ابو سفيان بن حرب قيصر ملك الروم، سأله عن جوهر دعوة محمد، عدوه الاول وعن أتباعه، وهل يزيدون أن ينقصون؟ وعن نسبه فيهم ؟. اجاب أبو سفيان ولم يغير الحقيقة.. موضحا ان محمد جاء داعيا لحسن الجوار ومساواة الرجل والمراة والسيد مع العبد وعبادة الله الواحد…
– المشركون في دار الندوة اجمعوا على قتل الرسول، جمعوا أربعين شابا، وطال انتظارهم فاقترح أحدهم تسوّر بيته لقتله. وهنا انتفض أبو جهل قائلا: “لا واللاّت، حتى لا تقول العرب: إننا فزَّعنا بنات محمد!” ومنعته أخلاق الفرسان من أن يفزع النساء. ولما طلع الصبح ووجدوا عليا في فراشه، رفضوا أن يقتلوه مكانه على الرغم من خداعه لهم بنومه في فراش النبي.
بين رذائل النداء ومروءة ابي جهل، عاشت بسمة القلعي وغيرها من نساء قانتات صابرات ثيبات وابكارا مِحنا واحَنا مع جلادين “مغاوير”. اخذت النساء سبايا حتى يعترفن باماكن اختفاء ازواجهن، واخذ المُحايد البريء بـ”جريرة” المعارض المنتمي في رزقه وجواز سفره ومستقبله المهني والدراسي وضاعت تونس…، وبدت بعد اعتقال الاحرار كقرية سقطت نخلاتها فانكشف عنها رعب النهب والسلب… واغْطش القهر والجبر والجور ليلَها.
استيقنت يقينا، ان الانتقال من الجاهلية الى الاسلام، ومن الكفر الى الايمان ايسر من الانتقال من الاستبداد الى الحرية…
سيحفظ العرب لتونس لحظات ثلاث: اهداؤها العرب اول دستور سنة 1861، وثورة 17 ديسمبر -14 جانفي، وتجربة العدالة الانتقالية وهيئة الحقيقة والكرامة…