معارك الغرب الاقتصادية

يحيى بدر
خاض الغرب معارك اقتصادية ناجحة كان لها الاثر البالغ في اسقاط الدولة العثمانية والدولة القاجارية في ايران
فقد تقربت فرنسا من الدولة العثمانية واغرت السلاطين بالاقتراض منها وانفقت هذه الاموال على بناء قصر دولمة بهجة وبعض المباني الاخرى الفاخرة مقابل التصريح ببناء الكنائس الضخمة في استانبول وخاصة في جادة الاستقلال بينما بقيت اصقاع الدولة تعاني الحاجة والفقر الشديد وترتب على هذه القروض فوائد باهظة اوصلت الدولة الى حالة المجاعة وساهمت في اسقاطها اقتصاديا قبل العمل العسكري.
وفي ايران دعمت بريطانيا الدولة القاجارية في عهد عباس ميرزا وانشات مصنعا للبارود مقابل التعهد بشن الحرب على الدولة العثمانية ودربت جيشه كما تفعل الان امريكا مع الانفصاليين الاكراد في سورية وانتصر ميرزا على العثمانيين بفضل الدعم البريطاني واجبرهم على توقيع معاهدة ارض روم 1823.
وكررت بريطانيا المحاولة مرة اخرى وقدمت الاموال الى محمد علي شاه الحاكم القاجاري عام 1907 وتم صرف هذه القروض على الترف وانشاء المسارح وبناء القصور مقابل تعهده بالاشتراك في العمل العسكري ضد الدولة العثمانية.. لكن الفئة التنويرية التي عاد رموزها من فرنسا قادت حملة ضد فساده وتعذر عليه الوفاء بالتزامه في الصدام بين الحلفاء والدولة العثمانية التي انتهت بسقوطها فانتقمت بريطانيا منه ودفعت وزير دفاعه رضا بهلوي للانقلاب عليه واعلن نفسه شاه ايران وانهى حكم الدولة القاجارية.. وبقي شاه ايران رجل الغرب القوي حتى قررت امريكا الانتقال الى مرحلة نقل قيادة العالم الاسلامي من اهل السنة الى الشيعة واحضرت الخميني بطائرة فرنسية من باريس الى طهران للبدء باسقاط اقوى جبهة امام الحلم الفارسي وهو العراق وباموال عربية مدفوعة الى امريكا تجاوزت 650 مليار دولار وقتها.
وحاول هذا الغرب بنفس توقيت ارسال الخميني انشاء عصابة فتح الله غولان بتركيا للانقضاض على العالم الاسلامي السني وضخت المخابرات الامريكية عشرات المليارات في المنشات التعليمية والاعلامية والصناعية المملوكة للجماعة كما قامت المؤسسات المالية الامريكية بضخ الاموال في تركيا.. لكن حزب العدالة كان واعيا في صرف هذه الاموال وحولها الى مشاريع صناعية وعسكرية وبنية تحتية لتكون قاعدة لمشروع هدف 2023 وبخلاف ما كانت تخطط له الدول الغربية اي ارهاق الاقتصاد التركي في الاقتصاد الاستهلاكي ودفعه الى الافلاس.
وليست عملية سحب الاستثمارات حاليا الا عملية انتقامية من تصرف الحكومة التركية التي رفضت ابتلاع الطعم
ان للحرب الاقتصادية على تركيا اهداف بعيدة للغاية.. انها تسعى الى ايقاف التطوير العسكري وخاصة في مشروع تطوير المقاتلة التركية المنافسة للفانتوم لانها ستكسر الحصار المفروض على العالم الاسلامي الذي لا ينتج سلاح الجو الرادع.
كما ان الحرب الاقتصادية تهدف الى اعاقة مشروع اطلاق الاقمار الصناعية من خلال محطة اطلاق الاقمار التركية التي تهدف تركيا الى اطلاقها بعد ثلاث سنوات لان من يملك السيطرة على الاتصالات الفضائية يربح الحرب الجوية
وكذلك تسعى الحرب الاقتصادية الى اعاقة مشروع تطوير الغواصات النووية التي بداتها تركيا وانتجت اولى الغواصات في ترسانتها بعد ان الغت العقد المبرم مع الكونسوريوم الالماني الامريكي.. ان انتاج الغواصات التركية يشكل تهديدا كبيرا للغرب لان السعر المعروض يقل عن نصف سعر الغواصة الغربية المثيلة وهذا يوفر تنافسية كبيرة وفرصة لدول العالم الاسلامي لدعم هذه الصناعة التركية.
وتسعى تركيا ايضا الى اكمال مشروع تصنيع منظومة الدفاع الجوي الصاروخية وقد انتجت المرحلة الاولى منها وهي الرادارات والصواريخ القريبة المدى المضادة للطيران (بحدود 140 كيلومتر) وتتفاوض مع روسيا على تطوير الصواريخ المضادة بعيدة المدى بشرط القبول بنقل التقنية.. وكذلك تتفاوض مع شركة رولز رويز على انشاء مصنع لمحركات الطائرات لا يتضمن اشتراط الموافقة الغربية قبل بيع الطائرة او المحرك الى اي جهة وكما تفعل امريكا الان مع مصنع ايرباص الاوربي.
ليس امام الغرب الا التصدي للنظام التركي العاق
وليس امام العالم الاسلامي الا دعم هذا الاقتصاد
والمعركة على اشدها

Exit mobile version