أسباب غضب المحامين
مالك بن عمر
هذا توضيح مبسّط للعموم لفهم أسباب غضب المحامين ورفضهم لمشروع #قانون_المالية لسنة 2017.
بداية، وجب التوضيح أن مشروع الفصل 31 المقدم من طرف وزارة المالية والمتعلق بالطوابع الجبائية قد سقط بعد رفضه من أغلبية النواب اعضاء اللجنة المالية.
سقوط هذا المشروع أثار غضب وحنق النائب منجي الرحوي (رئيس لجنة المالية) فأصر على تمرير مشروع ثان على التصويت دون مناقشة رغم مغادرة ستة نواب أعضاء اللجنة المالية. وتمت المصادقة على هذا المشروع بسرعة البرق بتسعة أصوات مقابل خمسة محتفظين.
فيما يتمثّل هذا المشروع الجديد ؟
يقتضي مشروع الفصل 31 المصادق عليه من قبل اللجنة على إلزام المحامين باقتناء دفاتر إعلامات نيابة مرقمة وخاصة بكل محامي حسب معرفه الجبائي تقع طباعتها وبيعها بالمطبعة الرسمية. كل كنّش أو دفتر يضمّ 10 إعلامات نيابة وكل طور قضائي تنفرد الإعلامات النيابة فيه بلون خاص (مثال غوز للابتدائي والناحية (100 د الدفتر)، قزوردي للاستئناف (200 د الدفتر)، فيروزي للتعقيب (300 د الدفتر). واقتناء هذه الاعلامات لا يكون إلا بالجملة. يعني لا مجال لاقتناء إعلام نيابة وحيد، بل إلزام المحامي باقتناء 10 إعلامات صبرة واحدة حتى وإن كان لا يحتاجها.
حتى نفهم أكثر الموضوع، وجب إطلاعكم على معنى “#إعلام_النيابة” وكيف تتم الامور حاليا.
في الأصل إعلام النيابة هو عبارة على ورقة يعدّها المحامي بنفسه يضمن بها صفته وصفة منوبه والهيئة القضائية التي سينوب أمامها، ويتم إضافة هذا الإعلام بالملف ويتم تضمين إسم المحامي فوقه. إعلام النيابة إذا يمثل السبيل الذي يتخذه المحامي ليعلن نيابته على منوبيه في كل قضية وفي كل طور.
ما يثير إشكالا في تمرير هذا المشروع هو أن المحامي سيكون مستقبلا تحت رحمة المطبعة الرسمية وتحت رحمة أوراقها الملونة وحبرها وانضباط أعوانها. فإن قرر الأعوان الإضراب يوما يتوقف المحامون عن العمل ويتم تعليق نياباتهم وتضيع حقوق المواطنين موقوفين كانوا أو في حالة سراح.
كذلك إن صادف في يوم ما وانتهى مخزون الأوراق أو مخزون الحبر من المطبعة الرسمية (صدفة أو عمدا لمنع أحد المحامين من الدفاع)، يجد المحامي نفسه مرة اخرى تحت رحمة غياب الأوراق الملونة.
وبطبيعة الحال ادارة الجباية في احتساب الجباية تحاسب المحامي على كونه قد استعمل كل اعلامات النيابة والحال انه يكون احيانا لم ينب الا في قضية واحدة فضلا عن عدم ثبوت استخلاص أجرته من المنوّب.
تمرير هذا المشروع هو إخضاع لأعمال المحامي الحرة المستقلة تحت سلطة رئاسة الحكومة المشرفة على #المطبعة_الرسمية.
تمرير هذا المشروع كذلك هو ضرب لمقتضيات الفصل 105 من #الدستور التونسي الذي ينص على أن : “المحاماة مهنة حرّة مستقلّة تشارك في إقامة العدل والدفاع عن الحقوق والحريات”.
ختاما، هذا ليس مشروع جباية بل هو #مشروع_وصاية.