كمال الشارني
يخطئ السيد الرئيس عندما يقول إنه ليس لدينا سجون كافية لسجن كل الجهاديين العائدين إلى “الوطن الأم”، ويخطئ من يعتقد أن عدم وجود سجون كافية، مبرر لإطلاق سراح أي متهم بالقتل أو بأي شيء آخر وخصوصا لمنع عودته إلى وطنه،
المشكل ليس هنا، بل في أن عودة الجهاديين تطرح مسائل قضائية وحتى أخلاقية عويصة: ضمان المحاكمة العادلة، نعم من حق “الإرهابي القاتل” أن يحاكم بعدالة مع ضمان حقوقه كاملة لأن هذا هو الفارق بين الدولة والهمجية،
أولا لأن القضاء العادل وحده هو الذي يثبت الإدانة أو البراءة فيضمن العدالة،
وثانيا، لأنه ليس من حق الدولة ممثلة في السلطة التنفيذية أن تنتقم من الناس أو تقتلهم أو تسجنهم خارج إرادة القانون الممثلة في المحاكمة العادلة،
إذا اتفقنا على المحاكمة العادلة، سوف نطرح أسئلة حقيقية حول ما إذا كانت النيابة العمومية بصفتها أداة الدعوى القضائية ضد العائدين من مناطق الجهاد، أو قضاء التحقيق يملكان الوسائل لإثبات التهمة في أحداث وقعت خارج الوطن ؟
إننا إزاء خيار واضح: إما أن نقيم دولة على أساس العدالة والقانون، وإما أن نقع في أحد الطرفين الخاطئين: إطلاق سراح كل العائدين وأيدي كثير منهم ملوثة بالدماء وكثير منهم مستعد لاقتراف الجرائم ذاتها في تونس، أو سجن الجميع بالشبهة، يعني أن نعكس المنطق: “كل عائد من مناطق النزاع هو إرهابي إلى أن يثبث هو أنه بريء”،