سامي براهم
منذ مدّة كان مجرّد الإشارة إلى إمكان تأهيل المشتبه في تورّطهم في جرائم الإرهاب العائدين من بؤر التوتّر مثار اتّهام بتبييض الإرهاب والتعاطف معه، ونظّمت حملة ضدّ الرّئيس السّابق عندما دعا إلى التّفكير في قانون مشروط للتّوبة يشمل العائدين، وكذا رئيس الحزب الشريك في الحكم اليوم الذي تحدّث في نفس الاتّجاه عن ضرورة عدم غلق باب التوبة وهو ما أثار حوله الانتقادات والإدانة والاتّهام…
اليوم رئيس الدّولة بعد إدراكه لإكراهات هذا الملفّ وتعقيداته وأبعاده يسير على نفس نهج سلفه وشريكه في الحكم بل يتجاوزهما إلى الإعلان عن عدم إمكان سجن هؤلاء العائدين الذين لم يعودوا يشكّلون خطرا على الدّولة.
بعض الإعلام لم يستوعب الأمر وحاول هضم المسألة بعسر، وبعضه الآخر بدأ يغيّر خطابه وتحاليله ويتبنّى ما كان بالأمس القريب مثار تشهيره وتشنيعه…
بالنّسبة إلى من اشتغل بحياديّة ومنهجيّة ومعايير موضوعيّة على الظّاهرة يعلم أنّ الإرهاب إضافة إلى أبعاده الأمنيّة والقضائيّة وما يقتضيه من زجر وتجريم، هو كذلك المرآة التي تكشف عورات مؤسسات الدّولة والنّخب والمجتمع والسياسات العامّة وارتباك مشروع التحديث على مستوى التربية والتعليم والثقافة والإصلاح الدّيني والتنمية والعدالة الاجتماعية،
الإرهاب يفضح كلّ مواطن القصور والتّقصير والإخلالات في تحصين فئات من الشّباب التّونسي وتوفير المناعة الكافية التي تقيهم السّقوط فرائس للاستقطاب في عصابات الإرهاب والجريمة المنظّمة.