بيان الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب
تونس، في 30 نوفمبر 2016
بيان للرّأي العام
إن مجلس الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب، بعد استعراضه لمختلف المراحل التي مرّ بها مسار تركيزها منذ انتخاب أعضائها في 29/30 مارس 2016 وأدائهم اليمين القانونية في 05 ماي 2016، وبعد متابعته عن كثب لجلسات الاستماع العلنيّة لضحايا التعذيب والاستبداد التي نظمتها هيئة الحقيقة والكرامة يومي 17 و18 نوفمبر 2016، يعبّر عن مساندته اللامشروطة لجميع الضحايا وعن إدانته الشديدة لمرتكبي جرائم التعذيب وامتهان الذات البشريّة، ويؤكّد على ضرورة تفعيل مبدأ عدم الإفلات من العقاب، ويذكّر بأن إرساء الآليّة الوطنيّة للوقاية من التعذيب بتونس لا يقتصر على انتخاب أعضائها والتباهي بأنّها أوّل آليّة بعثت في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وفي المقابل التضييق عليها في الداخل ووضع عديد الصعوبات والعراقيل في مسار تركيزها، وهي أساسا:
– افتقار الهيئة لأيّ نواة إدارية دنيا باعتبار عدم وجود موظفين بها.
– عدم توفر الهيئة على مقر وظيفي يحتضن أعمالها ويمكّن أعضاءها من مباشرة مهامّهم.
– عدم إصدار الأوامر المنظمة لعمل الهيئة (أمر التأجير -الهيكل التنظيمي- النظام الأساسي الخاص بأعوان الهيئة وموظفيها).
– تعطيل عمليّة تفرّغ الأعضاء لأداء مهامّهم.
– عدم إفراد الهيئة بخط تمويل مستقل ضمن ميزانية الدّولة لسنة 2017.
– عدم توفير الاعتمادات الماليّة الضرورية للمرحلة التأسيسية في سنة 2016 وسنة 2017.
– إمعان الجهات الرّسميّة المعنيّة بعمل الهيئة في تجاهلها ورفض إمضاء محاضر جلسات مع ممثليها والاكتفاء بالوعود الشفاهية الفضفاضة دون إيفاء بها.
وحيث أدّى كل ذلك إلى تعطل أداء الهيئة والحيلولة دون ممارستها لصلاحياتها المنصوص عليها في القانون الأساسي المحدث لها، وإلى عجزها عن القيام بأدوارها تجاه ضحايا التعذيب وسوء المعاملة في أماكن الحرمان من الحرّية بتونس، فإنه يهمّها أن تعلم الرأي العام الوطني بما يلي:
1- تستغرب الهيئة استغرابا شديدا عدم وفاء الجهات الحكومية بالتزاماتها القانونية المحمولة عليها وبتعهداتها الدولية ذات العلاقة بإنشاء الآليّة الوطنية للوقاية من التعذيب وتمكينها من وسائل العمل الضرورية لممارسة جميع صلاحياتها الوقائيّة والرّقابيّة والتوعويّة.
2- تستنكر الهيئة كلّ محاولات “التقزيم” التي تتعرض لها من الجهات الرّسميّة بغرض تحويلها إلى مجرد ديكور يتمّ التباهي به في المحافل الدولية، وترفض كلّ محاولات ضرب استقلاليّتها الإداريّة والماليّة والوظيفيّة التي نصّ عليها بوضوح قانونها الأساسي والبروتوكول الاختياري لاتفاقيّة مناهضة التعذيب.
3- تذكّر الهيئة الجهات الرّسميّة المسؤولة عن تعطل مسار تركيزها بأن المراهنة على قبول أعضائها بالأمر الواقع لن تجدي نفعا.
4- توجّه الهيئة عناية المجتمع المدني إلى أن مسؤولية التأسيس المحمولة على عاتق الأعضاء الحاليّين تتطلب الدّفاع الجماعيّ عن حلم تركيز هيئة رقابيّة فعّالة ومتماسكة، حتى يتوفر للأعضاء المقبلين في مرحلة التجديد الحدّ الأدنى من مقوّمات العمل الناجع والفعّال وأهمّها الاستقلالية التامّة.
5- تعبّر الهيئة بوضوح عن استعداد أعضائها لتوخي كلّ الأساليب النضالية المشروعة من أجل الدفاع عن هذا المكسب الوطني والإنساني بما في ذلك التنديد الصّريح في المنابر الوطنيّة والدوليّة بكل محاولات “التقزيم” و”الاحتواء” و”التعطيل” التي تطالها من قبل الجهات الرّسميّة. وتحذّر الهيئة من أنّ التمادي في التضييق عليها قد يضطرّها إلى تعليق مهامّها الأساسيّة إلى حين تمكّنها من ضمان مقوّمات العمل المستقل والفعّال.
6- تجدّد الهيئة التزام أعضائها بالدفاع عن ضحايا التعذيب وسوء المعاملة في أماكن الحرمان من الحرّية وكشف انتهاكات حقوق الإنسان، بالرغم من افتقادهم حاليّا لكلّ وسائل العمل الكفيلة بأداء مهامّهم على الوجه المطلوب.
7- تدعو الهيئة الجهات الحكوميّة المعنيّة إلى مراجعة أسلوبها في التعاطي معها وإلى تحمّل مسؤوليّتها تجاه المواطنين ضحايا التعذيب وسوء المعاملة.
عن مجلس الهيئة
الرّئيسة د. حميدة الدريدي