نور الدين جلالي
يفتتح معشر “الفايسبوكيون” يومهم الافتراضي بالأدعية المتعددة والمتنوعة… ويحبرون ما لذ وطاب من معاني الالفة والأنس على صفحاتهم… وينشرون الامل ويوزعون الفرحة والحبور والسرور على كامل الفضاء… وتتملكهم غبطة فريدة… تدغدغ مكامن الروح والأنفس… فترى هذا ينثر انسانيته بمقاطع موسيقى حالمة… واخر يرتب أبياتا من الشعر او خواطر نثر… تنضح حكما وقوالب للحب والهيام… او وجدا تمكن من تجاويف الوجدان… وهاته تهدي ورودا او ازهارا للاصدقاء… وكل من يمر بعالمها الأزرق الجميل… وتجد من يهدينا موسيقى “فيروز” وهي سيدة الصباح غالبا… والحال انها ملكة الصباح والمساء والليل وحتى غسق الفجر الجميل…
ثم تتسارع خطوات الجميع نحو مسائل يومية… ويتعقد المشهد اكثر فاكثر… فيمر من البساطة والسلاسة الى التشابك والتفاعل العنيد… هذا يرد على تعليق سابق… فاته أن يفرغ كل ما في المهجة والبال من أفكار… وقد يصل الامر احيانا الى التلاسن والتنابز حينا آخر… ويسقط بعضهم في الابتذال والعراك… والمنشود هو تسجيل اهداف في مرمى من راه خصما… أو عدوا أزرقا كبيرا… ويهتم رهط اخر بمواضيع الساعة… ويبدي رأيه وتقييمه لموقف او خطاب او مقال… نشر في صحيفة او جريدة او مجلة او غيرها من وسائط الإعلام… وتفرض بعض المسائل اليومية او المواضيع الفكرية نفسها على من اراد الغوص المعرفي او الوجداني في مسار الاحداث الاعتيادي…
في حين ينشغل معشرا آخر من ساكنة الأزرق الكبير… بمتابعة سقطات هذا السياسي او الاعلامي او كل ضيف نزل مكرما مبجلا… على برامج تلفزية ديدنها الاثارة وتزييف الوعي الجمعي… وإن كان تجد في ردهات زمنها بعض الفائدة من اذاعة المعلومة أو الوقائع التي نبغي ونريد… و اخر ما يملأ مهجتك ببعض الضيق احيانا… وتجد نفسك محرجا غالبا… هو ان تتلقى دعوات الالعاب من البعض… وانت لا تفقه نواميس وقوانين… او أبجديات الولوج الى ذلك العالم الغريب العجيب… او ان يضيفك احدهم الى مجموعة او صفحة… لا تعلم مكامنها او ماهيتها أو لونها أو رائحتها وانت المغيب البعيد…