“اليوم باشْ ناكلُو ربّكم” !!!
الأمين البوعزيزي
هذا الصباح لمّا كنتُ على متن نقل جماعي، تذمّر السائق من الزحمة والفوضى التي تعيشها مدينة سيدي بوزيد، قائلا:
“شوارعنا ناقصها انتشار البڨر والتُّكْتُكْ، ونولُّوا كي الهند”… مواصلا حديثه،
“آك العام في ألمانيا سكنوا بحذايا هنود… ساعات كنّا نمشو ناكلو في مطعم عاملو الحاكم بلاش (ههه لا يدري أنّه عمل خيري كنسي)… كان عملة المطعم يضعون صورة الدجاج أو البقر علامة على اللّحم المعتمد في الوجبة المُقدّمة… كنّا كي نْحبّو نْشيخو عالهنود، نڨولولهم، اليوم باش ناكلو ربّكم -يقصد البقر- فكانوا يغضبون ويوتْوتُوا بكلام غاضب لا نفهمه… ههههه”.
شاركه من في السيارة الضحكات الساخرة…
صمتُّ لثوانٍ وقلت له:
“تحبّش أنت شكون يڨلّك توّة ناكل ربّك”؟؟؟
فاستغفر هو وكل من معنا في السيارة ربّهم وجحظوني بنظرة استنكار وهمهمة لم ترْقَ إلى الاحتجاج… (الحمد لله).
سائق السيارة كان نبيها، فهم المقصد من ملاحظتي.. وصار يحدّثني وعينه على المرآة العاكسة أمامه ينظر من خلالها في وجهي…
قلت: هل تعلم أنّ غير المسلمين عندما ينظرون بسطحية خارجية إلى بعض شعائرنا أثناء مراسم الحجّ، يضعوننا في خانة الوثنيين الذين يقبّلون الحجارة ويطوفون حولها؟؟؟
فقال:
والله بالحق… قلت، كذا حكمك الساخر على عبدة البقر… فقال، بالله فهمني الحكاية إذن؟؟؟
أجبت:
الهندوس لا يعبدون الأبقار، لكنهم يقدسونها ويكرمونها كما يقدّسون كل أشكال الحياة. ولذلك أغلب الهندوس نباتيين. فالهندوسي الملتزم لا يأكل اللحم أبدا، لكنه يأكل ويشرب مشتقّات الألبان. الهندوس يعتبرون أنّ الأبقار تُعطي أكثر ممّا تأخذ بكثير، لذلك يبجِّلونها تبجيلاً خاصاً ومميزا…
وعلى أيّة حال المسلم ليس مطالبا بالسخرية من الأديان الأخرى ولا باستباحة معتنقيها… بقدر ما هو مطالب بالجدل الاجتماعي بالتي هي أحسن دون إكراه…
وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا… أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ… ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ…
أما مسألة التعالي على الآخرين وتحقير معتقداتهم واستباحتهم حربًا وسبْيًا فهي من مخلّفات زمن عصور الإمبراطوريات والغزو، وهي عدوان على الإنسان وعلى القرآن معا لو تعلمون…
أما عن القتال في القرآن فأسبابه دوما دفاعية، فقط لمقاومة العدوان، وليس لإعلان الحرب على المختلفين في الأديان: وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ…
فقال لي: يرحم والديك… وكذا جليسه في الكرسي الأمامي… في حين ظلّت سيّدة بجانبي في الكرسي الخلفي، تستغفر وكأنّي شيطان رجيم يجلس بجانبها، يبدو أن ذاكرتها لم تحتفظ الاّ بسؤالي: “تحبّش أنت شكون يقلّك توّة ناكل ربّك؟”… وصولي الى محطة وجهتي أنهى الحديث… في حفظ الله للجميع…
ــــــــــــــــــ بعض المسلمين دواعش ليس بسبب القرآن وإنما بسبب جهلهم بالقرآن…
دماء الأبرياء في رقابكم يا مشائخ الجهل والسوء والأذى…
#جدل_الانسان منهجنا… نحن نتقدم نحو الإسلام ولا نعود اليه…