ماذا لو تكلم عبد الرؤوف ؟
تابعت شهادة سامي براهم كبقية التونسيين.
كثير ممن مروا من هناك غبطوا سامي على نجاته وحمدوا الله على ذلك.
سامي تلقفته آلة البطش الصغرى ونجاه الله من الآلة الكبرى.
سامي لم يفقد عقله. لم يرم بنفسه بعد خروجه من شاهق. لم تغتصب أخته وزوجته أمام عينه. لم تعرى أمه وتضرب أمامه.. لم يتزوج الجلاد زوجته غصبا عنها. لم يعزل لسنين طوال في زنزانة حتى فقد القدرة على الكلام.
سامي لم يتشرد أولاده في مشارق الأرض ومغاربها وأصبحوا بلا وطن.
سامي لم يخرج بعاهات مستديمة ومرض عضال عجل به إلى القبر.
انتهت محنة سامي ومحن أخرى لم تنته.
ماذا لو تكلم عبد الرؤوف؟
هو عبد الرؤوف العريبي التوأم الروحي لسحنون الجوهري عاشا معا درسا معا التزما معا هاجرا معا عادا معا اعتقلا معا استشهدا معا.
سحنون ذاع صيته عبد الرؤوف كان ممن مدحهم عليه الصلاة والسلام بقوله “اذا حضروا لم يعرفوا واذا غابوا لم يفتقدوا”.
أيام قليلة قبل أن يلقى ربه التقينا في أحد المجالس كنت على جنبه الأيمن.. كان صامتا وعلى وجهه لون لا يشبه الالوان. بعد أيام تم اختطافه وحملوه الى البناية الرمادية بناية “التعذيب العقلاني”.
عذبوه على الطريقة الصينية القديمة قتلوه عرقا بعد عرق وقطرة بعد قطرة. قتلوه ألف مرة وقتلهم مرة واحدة بصمته وشموخه.
قتلته الدولة لم تقتله السكتة القلبية ولا رصاصة أطلقتها يد الفساد.
لن يتكلم عبد الرؤوف فعبد الرؤوف لا بواكي له.