عبد الرزاق فقي
ذهلت الليلة البارحة من المقدمة التي بدأ المناضل جلبار النقاش شهادته.
الرجل مهندس في الزراعة دخل إلى الوزارة ثائرا على المهندسين الموجودين والذى يراهم مستعمرين وعلى البرنامج الزراعي المعتمد وقتها وراه نيو كولونيالي. لم يكن دخوله انتصارا للقبيلة ولا للعقيدة ولا للغنيمة ولكن كان لما سماه بورقيبة الجهاد الأكبر يعني التنمية والخروج من الفقر. فكان له برنامجا زراعيا من خمسة وعشرين جزءا رفضوا تطبيقه ولكن قدموه حجة لمواجهة خصمهم.
كان الأهم رؤيته للسياسة المائية وخاصة السدود التي يراها في علاقة عضوية بين الأرض والمزارع “le paysan” ما يتعارض مع رغبات المستعمر وهنا أصل جوهر الخلاف مع بورقيبة. عندما ندرك ما آلت إليه أزمة المياه عندنا وأزمة الأراضي الدولية ولا أدل على ذلك من ملحمة جمنة المقاومة ندرك أهمية شهادة الرجل وأمام هيئة الحقيقة والكرامة بالذات. كان هذا الجهاد الأكبر الحق الذي أريد به باطل.
لم يكن الصراع بين بورقيبية وطنية (bourguibisme) وبين شيوعية دخيلة فهذه شعارات لا غير وإنما المعركة كانت استقلال البلاد والتحرر من الاستعمار في مرحلة البناء بعد أن كانت المعركة مع الاستعمار المباشر تعددية الأفكار والمرجعيات والانتماءات لم تفسدها إلا خديعة الوحدة الوطنية.