“أولاد الكلب” لا يخجلون من دموع الأمهات
كمال الشارني
لا شيء أقوى من غريزة الأمومة، الإنسانية كلها تقوم على قدرة الأم على الحفاظ على فلذات أكبادها، حتى الدجاجة تفعل ذلك، ليس هناك سر في أن كل أغاني السجون مثلا، تمجد الأم وتستنجد بها: “وينك وينك يا الأميمية، رانا مضامين”، محمود درويش كان يعبر عنا حين يقول “وأعشق عمري، لأني إذا مت أخجل من دمع أمي”، كثيرون منا، كانوا يتفادون الموت أو الانهيار، وفاء للأم، وحدهم أولاد الكلب لا يخجلون من دموع الأمهات، بعد أن سرقوا منا سعادتنا وأجمل ما في أعمارنا، يريدون أن يشوهوا دموع أمهاتنا،
عندما رأيت تلك الأم تبكي ذكريات فلذة كبدها، تذكرت أمهاتنا، وتذكرت أولاد الكلب أيضا، طالما كنا نتساءل عما إذا كانت لهم أمهات مثلنا ؟ كنت أتوقع أن ننحني جميعا أمام لوعة الأم المحرومة حتى من العزاء، من قراءة الفاتحة على قبر فلذة كبدها،
الأم وحدها هي التي تقف في البرد والمطر وتتحمل قيظ الظهيرة، تزحف على ركبتيها إن أقعدها الروماتيزم، تعض على السفساري وتتحمل صلف السجانين والانتظار أمام بوابات السجون، تصوم إن لزم لكي تحمل أكل يديها المباركتين إلى قلبها المسجون بعيدا عن رعايتها، لا تنام فجر يوم الزيارة وتقتفي أثر رائحة وذكرى الإبن المغيب في السجون من سيارة لواج إلى أخرى حتى تصل إليه،
يظل الإنسان طفلا حتى يفقد أمه، اسألوا من فقدوا أمهاتهم مبكرا، وحدهم “أولاد ما دون مقام الكلب”، يسخرون من دموع الأمات،