كمال الشارني
ما يخيفني، ليس تحول 11 مليون تونسي إلى محللين في القضاء وفي شيطنة القضاة، بل حالة الجهل المتفشية لدى من يديرون الفضاء العام، وخصوصا تواطؤ بعض رجال القانون مع “الشعوذة الإعلامية العامة”،
ومن صفات الجاهل التسرع والسطحية وتدخله فيما لا يفهمه، والجاهل ينظر فقط إلى الحكم القضائي المجرد (لأنه جاهل)، أما العارف، فيعرف أن أي حكم قضائي يتطلب تعليلا مفصلا تبنى عليه العقوبة، يسميه أبناء السلطة القضائية “الحيثيات”، والعارف يعرف أيضا أن أي قاض أو هيئة قضائية تراجع حكمها مرارا قبل إعلانه خوفا من النقض بسبب حيثيات غير سليمة قانونيا، العارف يعرف أيضا أنه لا يمكن الطعن في أحكام القضاء أو مناقشتها إلا في الإطار القانوني، وهو يتطلب الاطلاع أولا على حيثيات الحكم، “لماذا حكم خمسة قضاة بهذا الحكم”، ثم يؤسس طعنه على ما جاء بيناء هذه الحيثيات،
أما قمة الجهل، فهي التهجم على رئيس الدولة لأنه لم يتدخل للضغط على القضاء، على أساس أن نلغي مبدأ الفصل بين السلط.