عبد القادر عبار
إرْسَاءُ السِّلْم الاجتماعي، وتحقيق أطروحة التوافق السياسي، ومحبّة الوطن…، تحتاجُ إلى هُتاف العقول.. لا إلى صخَب الغرائز!.. وتحتاج إلى شعار : “تعالَوْا إلى كلمةٍ سواء، بيننا وبينكم”، وليس إلى شعار : “هل من مُبارِز”، أو “اللَّكْمَةُ أصدقُ أنباءً من الخُطَب” ؟.. بالتي هي أحسن، وليس بالتي هي أخشن ؟
أقول هذا تعقيبًا وتعليقاً على ما قرأنا من عجائب ردود أفعال المتاجرين بقميص عثمان / قضية المرحوم بإذن الله “لطفي نقض”، على الحكم الصادر بالبراءة للدكتور الشبلي وإخوانه، والتى فاضت بها صفحات التواصل الاجتماعي، هذه الردود التي جاءت فاضحة وواضحة في تعرية غرائز الحقد والانتقام والاستئصال التي تنخر في صدور قوم يتلذّذون بالظلم، وتستهويهم شهوة الاستفزاز، بعدما زلزلتهم رجولةُ القضاء، التي فاجأتهم، والتي حاولوا بوسائلهم المعهودة أن يروّضوها، حتى تلبّي رغبتهم، وتحقق مقصدهم.. ولكنّ الله سلّم.
وهذه 4 شواهد تكشف صخَبَ غرائزهم، التي استفزّها صَدْعُ القضاء بالحق ليلة 14 نوفمبر:
1. جاء في بيان الحزب : نعبّر عن صدمتنا الشديدة من فحوى الحكم القاضي بتبرئة المتهمين وحفظ القضية في شأنهم ونعتبر ذلك استهزاء بدم الشهيد وانحيازا مفضوحا للقتلة والمجرمين، رغم قناعاتنا المبدئية بضرورة استقلالية القضاء وأحكامه.(؟)
وقد أدان الحزب نفسه من حيث لا يشعر، وذلك باستفتاح خطابه بآية استشهد بها وهي ليست في صالحه يقول الله فيها (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) وآية ختم بها بيانه وهي رادعةٌ له لو كان يفقه، يقول الله فيها : (وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا).. والقضاءُ لم يزد على أن طبّق الآيتين المستشهَد بهما، فكيف يلومونه لو كانوا يعقلون ؟؟
2. و جاء في وثيقة استقالة جماعيّة لـ (37) عضوا من شباب نداء سوسة قولهم: أن السبب وراء خروجهم من الحزب، أنه اتّضح لهم، أنهم وجدوا أنفسهم يوم 14 نوفمبر 2016، ينتمون إلى حزب لا يملك سلطة في الدفاع عن أبنائه (أي بالتأثير على القضاء في قضية الحال، لِيُجَرّمَ المظلوم ! ويثبت التهمة على البريء..؟)
3. وقالت زوجة المرحوم “افتحُ بيتي اليوم لتقبّل التعازي في زوجي المغدور.. اليوم اكتشفتُ أن الباجي قائد السبسي؟ والنواب؟ ووزراء النداء؟.. هم القتلة الحقيقيّون…؟؟” (وشهد شاهدٌ من أهلها).
4. وقال رابعُهُمْ : ليس الحلّ في النّدْب والنواح، بل مكان واحدٌ نعود إليه هو “باردو” ونصحّح مسار الثورة من جديد باعتصامات رحيل، ومع الأسف، هذه المرة ضدّ من غدروا بنا ؟
– هكذا، تمدُّ الغرائزُ أعناقها، وترفع صوتها في غياب العقل والرّشاد !! فتصحيح الثورة، وبناء الوطن، بحاجة إلى هُتاف العقول.. لا إلى صخب الغرائز ؟ واعتصامات الرحيل.