محمد المصمودي مهندس الديبلوماسية التونسية يرحل في صمت.
منذ يومين غادرنا أحد أشهر وزراء دولة الاستقلال. أبرز من حاور فرنسا من أجل الاستقلال. من أشاد بورقيبة بعبقريته واعتبره ابنه الروحي.
أحترم في هذا الرجل غيرته على العروبة والإسلام وقد عرفناه في المهجر صديقا محبا لتونس ساعيا الى إصلاح ذات البين وقد اجتهد في ذلك أيما اجتهاد إلا أن حماقة بن علي أتت على حماسته ودفعته الى التقاعد السياسي.
محمد المصمودي هو أحد فرسان الديبلوماسية العربية وكان مع عمر السقاف وعبد العزيز بوتفليقة ومحمود رياض من استطاع امتصاص خيبة الجيوش العربية في حرب 67 على الساحة الدولية بل دفع المنتظم الدولي الى اقرار أن الصهيونية هي شكل من أشكال العنصرية قبل أن تلغيها اتفاقيات أوسلو المشؤومة.
قبل الختام أنقل هذه القصة تؤكد أصالة هذا الرجل وتعلقه بدينه :
قال رحمه الله عندما ألغى بورقيبة فريضة الصوم أصر على دعوتنا الى طعام الغداء عند انعقاد أول مجلس وزراء. أفطر الجميع إلا ثلاثة: جلولي فارس رئيس أول مجلس تأسيسي والمنجي سليم وزير العدل والمصمودي.
قال : بعد الغداء بدأنا في الانصراف فأمسكني الرئيس قائلا أنتظر.
بعد أن انصرف الجميع قال لي غاضبا: جلولي فارس زيتوني” أنتيكة” المنجي سليم” بونتو ” في أنا وأنت علاش ؟
قال أجبته : تعلمنا منك الثبات على المبدأ وهذا مبدأ تربينا عليه. لم يقنعه جوابي لكن نسي الأمر بعد ذلك.
رحم الله الفقيد وتقبله عنده في الصالحين.