ما بعد الخير والشر… حتى لا “يسخنكم” الراقصون في “المسرح الدولي”
الحبيب بوعجيلة
يجب أن يعلم الشباب المُتابع لردود أفعال وتحاليل السياسيين وكبار أنصار الأحزاب والصفحات على هذا الفضاء حول القضايا الدولية ومن بينها الانتخابات الأمريكية أن هذه التحاليل والمواقف هي تعبير طبيعي على تموقع كل الأحزاب التونسية في محاور الصراع الدولي والعربي وانحيازها جميعا لهذا المحور أو ذاك… هذه الملاحظة ضرورية حتى لا يتم اعتبار ما يقرأونه من هذه الأحزاب و”محلليها” و”أدميناتها” حقائق مطلقة…
هذه الأحزاب ليست ملائكية أو هيئات خيرية أو مراكز علمية ولا أحد منها يملك الصواب النهائي فكل مواقفهم تقديرات ورغبات ونصر لحلفائهم الدوليين الذين ترتبط بهم مصالحهم الحزبية وهذا امر مشروع… الشيطنة المتبادلة بينهم لبعضهم البعض ولمحاورهم الدولية المتقابلة يجب دائما تنسيبها لأنها “ماعون صنعة” فالصراع الدولي الدائر حاليا بين الأمم على ارضنا العربية ليس من السهل ردها ببساطة إلى معايير خير وشر أو وطنية وخيانة أو ديمقراطية واستبداد كما يريد اقناعكم انصار المحاور وهذا من حقهم طبعا ولكنه صراع مصالح قومية لأمم تريد افتكاك موقعها على طاولة التاريخ والجغرافيا وتمارس علينا كأمة مستضعفة لعبة اغراقنا في معارك نتوهم أنها معارك “شرف” و”مقدسات مطلقة”…
ربما ما يمكن ان نناقش الأحزاب التونسية فيه هو أن نتساءل نقديا على مواقفها ونحاول التمييز بينها ليس عبر اعتبار هذا ديمقراطي وذاك استبدادي أو هذا وطني وذاك عميل وهذا ملائكة وهذا شيطان (تلك أمور لا يعلمها إلا الله والمخابرات) لكن نقيمها باعتماد معيار مصلحتنا الوطنية كتونسيين أولا ثم كمغرب عربي ثم كعرب…
المعيار في التقييم والتنسيب هو بطرح أسئلة عقلانية على كل ما تقرؤونه من هذه الأحزاب وانصارهم.. مثل : هل ان انحياز الحزب كذا الى محور كذا يفيد البلاد ام لا ؟ ما مصلحة تونس هل هو في انتصار محور كذا أو كذا ؟ كيف نحمي البلاد لو انتصر هذا أو انتصر ذاك ؟…
عندها ستميزون بينهم بحسب قدرتهم في الاستشراف الاستراتيجي ومدى وفائهم للمصلحة الوطنية أو على الاقل في مدى مهارتهم في أنهم من النوع الي “ينجم يخلينا نسلكوها كشعب ضعيف وسط الذئاب الدولية” والا يهزنا للحيط مع المهزومين. أما أن تتصوروا أن هذا الفريق ملائكة والآخر شيطان فهم أنفسهم لا يصدقون ذلك ولا يقولونه على بعضهم البعض وراء الكاميرا… لأنهم دافنينو مع بعضهم ويعرفون بعضهم أنهم الكل يخدمو على أرواحهم وعلى محاورهم من أجل مصالح أحزابهم.