سامي براهم
يقولون : انتخاب ترامب لن يؤثّر بشكل جوهريّ في السياسات الأمريكيّة العامّة الداخلية والخارجية التي تحكمها ثوابت، وتحميها مؤسسات ذات شرعية قويّة، ويقولون لي أنّ ما ورد في الخطاب الانتخابي للرّئيس الفائز من مواقف شوفينيّة وعنصرية تجاه العرب والمسلمين والمهاجرين والسّود والأفارقة والنّساء… كلّ ذلك ليس سوى ضربا من الشعبويّة المقصودة لدغدغة مشاعر الأمريكيين.
أقول لهم : هذا مربط الفرس ! لماذا تدغدغ هذه المواقف العنصرية مشاعر الأمريكيين وتؤثّر على خياراتهم الانتخابيّة في اتجاه انتخاب صاحب هذا الخطاب المُجمَع على تهافته وهوسه المرضي ؟؟؟
كان يُفتَرَض أن يكون النّاخب الأمريكي في تناقض جوهري مع هذا الخطاب وهو ينتمي إلى ثقافة معاصرة ترفع لواء الحرية والمساواة وحقوق الإنسان، لا أن يزكّي هذا الخطاب بانتخاب صاحبه.
لا أومن بالخصائص الجينيّة أو العرقيّة أو الماهويّة الجاهزة للشّعوب، ولكن حملة ترامب تكشف أنّ جزء كبيرا من الشّعب الأمريكي لا يزال يعيش سرديّة الآباء المؤسسين التي يختلط فيها التفوّق الدّيني بالعرقي والثقافي، ذلك التفوّق الذي كان أساسا لتبرير أبشع الجرائم بحقّ السكّان المحليين،
هذا الجزء من الشّعب هو الذي انتخب وهو الذي يحدّد المزاج العامّ للسياسات الأمريكيّة ويمدّها بالشرعية والطّاقة المعنويّة والرمزيّة، التي مكّنت أمريكا من غزو دول وارتكاب أبشع الانتهاكات في حقّ شعوبها،
حضارة أمريكا متطوّرة ماديّا، قشريّةُُ قيميّا، وفي وجدان الأمريكي يقبع ويستيرن غازٍِ للشّعوب ينتظر من يفيقه من غفوته ويخرجه من قمقم اللاشعور الجمعي، ذاك هو ترامب.