تصويت الأموات في الإنتخابات

مختار صادق
المحاكم الأمريكية تستعد هذه الأيام للنظر وبشكل عاجل في قضية رفعها الحزب الديمقراطي الحاكم ضد منافسه الحزب الجمهوري الذي يسيطر على الكنغرس بمجلسيه ومعظم الولايات الخمسين التي تشرف على العملية الإنتخابية بعيدا عن السلطة الفيدرالية (ورغم ذلك فإن الجمهوريين لا يخفون تخوفهم من تزييف الإنتخابات). الديمقراطيون من ناحيتهم يدّعون أن الجمهوريين يستعدّون لتخويف الناخبين ومنعهم من التصويت ما لم يكونوا مسجّلين بدوائرهم الإنتخابية وما لم يستظهروا بما يثبت هويتهم عند الإدلاء بأصواتهم مما سيدفع بعض الطبقات الضعيفة (المعروفة بتصويتها للديمقراطيين) للبقاء ببيوتهم وتفادي المشاكل يوم الإنتخاب. تأتي هذه التطورات في أعقاب تهديد مرشح الجمهوريين للرئاسة “دونالد ترامب” في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ أمريكا الحديث بأنه لن يعترف بنتائج الإنتخابات قبل أن يتأكّد من خلوّها من التزوير! بعض أنصار “ترامب” من البيض العنصريين هدّدوا باستعمال السلاح لحراسة مكاتب الإقتراع وبعضهم الآخر هدّد بالتظاهر وإحداث القلائل في صورة خسارة مرشحهم. هذا هو الوضع الآن أياما معدودات قبل موعد الإنتخاب يون الثلاثاء القادم في أعرق الديمقراطيات في العالم.
في المقابل وفي ظل ديمقراطية ناشئة هشة كما هو الحال في تونس فإن ما قيل عن تصويت الأموات في الإنتخابات الفارطة ليس غريبا عن الواقع أو بعيدا عن التصديق. عند الإنتخابات القادمة (إذا قدر لها أن تحدث على أية حال!) سواء كانت بلدية أو تشريعية أو رئاسية فعلى كل نشطاء الجمعيات والأحزاب الإنتباه جيدا للحيلولة دون عمليات التزوير التي سيحاول الحزب الحاكم وما تبقى من شقوقه فرضها بالقوّة والتحيّل والتزييف بعد قولبة الرأي العام وتوجيهه عبر إعلام منحاز ومال سياسي فاسد.
الحزب الوحيد القادر على منازلة الحزب الحاكم في كل المراكز الإنتخابية في المدن والأرياف والسهول والجبال هو بلا منازع حزب النهضة ولذلك فالمسؤولية مضاعفة على قادته وأنصاره أن لا يقبلوا بأي محاولة تزييف لإرادة الناخب مهما كانت صغيرة أو كبيرة. الإنتخابات القادمة ستشوبها عمليات تزوير كبيرة إذا لم يستعد لها الناشطون ومناضلو الأحزاب! هذه ليست نبوءة ولكنها نتيجة استقراء موضوعي لرغبة الحزب الحاكم (مهما كان هذا الحزب!) في التزوير خصوصا بعد التفكك الذي أنهك صفوفه ويدفعه دفعا لاستعمال كل الطرق الغير مشروعة للتشبّث بالسلطة. “التوافق” والتسامح والتنازل وطيبة القلب المفرطة لا مكان لها في مثل هذه المحطات التاريخية الهامة.

Exit mobile version